عاليه ــ عامر ملاعبلا تقتصر معاناة أهل الجبل مع التيّار الكهربائي على فصل الصيف، إذ يعاني الأهالي من الانقطاع شبه الدائم للتيّار في الشتاء أيضاً. وفي ظلّ العواصف وهطول الأمطار، تبرز حاجة الأهالي الملحّة للإنارة، فليجأون في معظمهم إلى سدّ حاجتهم للتيّار الرسمي بالاشتراك في المولّدات الخاصّة. ولكن حتّى هذا الحل، لا يخلو من عقبات قد يكون أبرزها ما يعانيه أصحاب المولّدات الخاصّة من مصاعب في توصيل خطوط الشبكة إلى البيوت البعيدة بعضها عن بعض. فالمسافات الطويلة بين المنازل تجبر أصحاب المولّدات في معظم الأحيان على انتظار ترخيص البلدية للسماح لهم باستعمال أعمدة الكهرباء العامّة من أجل توصيل الخطوط إلى تلك المنازل. وإلى حين يصدر الترخيص، يصبح معظم أصحاب المولّدات في عداد العاطلين عن العمل.
هيثم الداقور العريضي، صاحب أحد المولّدات الكهربائيّة الخاصّة في بلدة بيصور، أفلس بعدما عجز عن الموازنة بين مدخوله وما يدفعه، وقد اضطرّ لبيع معدّاته منذ شهرين. ويشرح العريضي معاناة أصحاب المولدات في قرى الجبل، الذي يظهر من خلال «التفاوت في المردود بين شهر وآخر، وخصوصاً في ظلّ الارتفاع الجنوني لصفيحة المازوت التي وصلت إلى حدود 39 ألف ليرة لبنانية، الأمر الذي اضطّرنا إلى رفع الأسعار إلى حدود 75 ألف ليرة، وإلى ابتكار فكرة العدّاد، الوفّيرة لنا وللمشتركين». كان يمكن لهيثم أن يستفيد من تلك العدّادات لو أنّ أزمة التقنين الكهربائي لم تنته، ولكن في ظلّ «التقنين المحمول اليوم، يصعب علينا الاستمرار، ذلك أنّ التزوّد بالتيّار من المولّدات الخاصّة تراجع كثيراً، كما أن المشتركين يعمدون الآن في ظلّ العدّاد إلى تحديد مصروفهم من التيّار».
لكن، لا يبدو أنّ العدّادات هي العامل الوحيد لتراجع هذه التجارة في الجبل، إذ يلفت يوسف أبو الحسن، وهو متعهّد مولّدات سابق في منطقة قبرشمون، إلى أنّ «تراجع هذا القطاع يرجع إلى عوامل عدّة، أولها ضعف قدرة المواطن على تحمل الفاتورة الشهرية الإضافية، وارتفاع التكلفة الإجمالية للمواد الأولية الأساسية في تشغيل المولّد، إضافة إلى شكوى الناس الدائمة من ضجيج المولّدات بسبب موقعها بين المنازل، الأمر الذي دفعني إلى البحث عن مصدر آخر للربح، غير تجارة المولّدات». ترك أبو الحسن تجارة المولّدات، بعدما طالبه الجيران بنقل المولّد الكهربائي خارج الحي الذي يسكنه «وهو ما لم أقدر على فعله، لأن المشروع يحتاج إلى بناء غرفة للمولّد وحمايتها من السرقة والتخريب».