سارة أسعد«السّاحر ياسر»، كتاب للأطفال ابتداءً من عمر الخامسة، هو صادر ضمن سلسلة «الزيز الملوّن» عن دار الحدائق في بيروت. تتحدّث كاتبته نبيهة محيدلي عن طفل اسمه ياسر، يحزن عند رؤية وجه أمّه وهي غاضبة، لأن غرفة الجلوس مخرّبة، فيرى أن أمه «ليست جميلة» وهي تنهره. عندما يستنتج ياسر أنّه أغضب والدته يسارع إلى رمي الأوساخ، وتوضيب أغراضه، وإطفاء الأنوار لمفاجأتها. ثم ينادي الولد على أمّه ليفرحها فتطلق عليه لقب «السّاحر ياسر» ليصبح المسؤول عن ترتيب البيت كلّما دبّت فيه الفوضى. القصّة بسيطة وتحاكي الولد بلغة سهلة، لكنّ التّحريك المبالغ فيه يتخطّى هدف تلقين القارئ الصغير شكل الحروف. إلى ذلك، تفتقر الحكاية إلى تفاصيل تشغل بال طفل في الخامسة من العمر وتثير تساؤله في السّن التي تبدأ فيها العلاقات السّببية والوقتية بالنشوء في عقله: من خرّب البيت؟ أين كانت الأم حينها؟ هل يذهب ياسر إلى المدرسة؟ هل عنده إخوة وأخوات؟
إلى ذلك، تبقى أهداف الحكاية مبهمة: فلا تعرّف الولد على قيمة اجتماعية مثل المساعدة (ياسر ينظّف البيت لأن الأم بدت بشعة؟) ولا تنمّي قدرة فكريّة. عنصر المفاجأة غائب ولا نجد عند قراءة الكتاب محاولة للبحث عن حلّ لأزمة.
افتقار الحكاية إلى تفاصيل يوازيه فقر في الحبكة (وهي ضروريّة للقارئ الصغير)، فلا أزمة ولا حلّ ولا عناصر مساعدة، وهنا يكون الابتعاد عن الهيكلية الكلاسيكية (أي حكاية التيتا التي تبدأ بكان يا ما كام كان وتنتهي بعاشوا أحلى عيشة) نقص تقنيّ أو احترافي ولا يقدّم جديداً يذكر.
أمّا عن كون ياسر ساحراً، فهو عنوان يعد القارئ الصغير بعناصر خارجة على الطبيعة، فيما يُفترض أن القارئ في العمر الذي تتّخذ المخيّلة فيه شكلاً هو المزيج بين السّحر والأماكن الخيالية والشخصيات الخارجة على المألوف، فيفاجأ الولد بكون السّحر مقتصراً على المهارات المنزلية من تنظيف وترتيب. تمثّل رسوم حسّان زهر الدّين أبرز ما في الكتاب، عاكسةً التناقض بين المشهد الأوّل والمشهد الأخير، ومبرزةً مشاعر الشخصيات بأسلوب طفوليّ محبّب، بعيداً عن واقعية الخطوط والأحجام والألوان، وببساطة لا ترهق القارئ الصغير بفائض التفاصيل.
إلّا أنّ رسم الغلاف لا يعكس خصوصيّة الشخصية الأساسية، فيبدو ياسر كأنّه نسخة مقلّدة من بيتر بان أو بينوكيو، بخدوده الحمراء والعصا السّحرية في يده، دون إغفال قبّعة السّاحر.
يبتعد كتاب «الساحر ياسر» عن الهيكلية الكلاسيكية لحكاية لطفل في الخامسة، إلّا أنّه لا ينصف ذكاء القارئ الصغير ولا يقدّم تحدّياً فكريّاً ولا حتّى جماليّاً يُلحظ. يبقى أن نذكّر بأحد أهمّ العناصر الغائبة أيضاً عن هذا العمل هي المتعة التي تحمل عادة القارئ الصغير على أن يصير يوماً ما قارئاً كبيراً.