أحمد محسنكل شيء يصير ألماً في حياة يساري لبناني خابت أحلامه القليلة: هواء البحر في المنارة، عيون الأطفال الدامعة على طريق المطار، كل الألوان الباقية من لبنان القديم، وعجوز يحمل العلم الأحمر بيد مرتجفة، يبث قمراً اصطناعياً أميركياً صورته مباشرة من موسكو، إلى كل العالم. شرعت أخيراً بالبحث عن أحلام جديدة.
لم تبهرني الأشياء التي تبهر الشبّان في جيلي يوماً، ولم أكترث لما سيحصل، فالحياة مرة واحدة، تشبه المثل الألماني وتشبه نيتشه وميلان كونديرا بنظري، تشبه بغداد القديمة، والثورة البلشفية. الحياة بصفتها تحدث مرة واحدة، كأنها لا حياة. عندما رحلت صديقتي القديمة نهائياً، دخلت إلى الغرفة ذاتها، حيث فكرت في الانتحار يوماً. دخلت مفعماً بالألم ذاته، والكراهية ذاتها. قررت إعدام حقبة كاملة من ذاكرتي، قررت إعدام ذاكرتي بقسوة. قلت: اللعنة على الحب وعلى الذين يحبون. أوصدت باب الغرفة، حتى لا تتسلل عبثيتي إلى الخارج مجدداً، وبصوت منخفض، بكيت.