فيصل فرحاتكتبت مسرحية عن فرج الله الحلو بعنوان «فرج الله في البال» عام 2002. وبالطبع عرضتها على بعض المسؤولين في الحزب الشيوعي اللبناني، ومنهم الأمين العام يومذاك المحامي فاروق دحروج، طالباً سماع رأيهم ومساعدتهم لتقديم المسرحية في ذكرى المثالي الجليل، الذي لا قبر له! انتظرت أشهراً، وكان الجواب أن ليس للحزب إمكانيات مادية لتقديم المسرحية. أما الأمين العام فقال بالحرف: «معلوم بدنا نساعدك، وخاصة بمسرحية عن الشهيد فرج الله الحلو، ولو؟»، فاستبشرت خيراً، وانتظرت أشهراً أخرى. وحين عاودت السؤال، سمعت جواباً بدا لي شبه مقنع، وهو أن الحزب يستعد للمؤتمر ولانتخاب أمين عام ومكتب سياسي جديد، فاسبتشرت خيراً أيضاً، وانتظرت.
وحين انتُخب الدكتور خالد حدادة أميناً عاماً للحزب، قلت لنفسي وأنا في غرفتي الصغيرة إن المسرحية «مشيت»، وخرجت إلى السطح ناظراً ومفكراً كيف سيكون لي غرفة ودار «بالأجار» بعد تقديم المسرحية في بيروت والشمال والجنوب وفي الجبل والبقاع عبر منظمات الحزب، بحيث «على الأقل» أحصل على بعض المال كي «أقزز» جزءاً من السطح ويصبح لديّ بيت صغير، وذلك لأني اعتمدت على صداقة قديمة ربطتني بالأمين العام الذي أخذ مني فيما مضى، ما كنت أحمله من ديكور لمسرحيتي الأولى «معو حق ابني» حين قدمتها في النادي الثقافي الاجتماعي في بلدته برجا عام 1976، قائلاً بالحرف: «الرفيق فيصل عم يحمل ديكور؟ أبداً ما منقبل. إنت كاتب ومخرج ما منسمحلك تحمل ديكور!» وأخذ مني (على ما أذكر) طاولة وتابع مساعدة بعض أعضاء النادي الممثلين من نادي التحرر الاجتماعي في كفررمان في نقل الديكور. أذكر أني وقفت مندهشاً من تصرفه، مراقباً حركته العفوية والصادقة. لكن بعد انتظار دام لأشهر أخرى (بعد المؤتمر)، قال لي الرفيق خالد بالحرف: «هالسنة بعدنا طالعين من المؤتمر، سنة الجاي على الأكيد منقدم المسرحية».
فاستبشرت خيراً بكل طيبة خاطر، وذلك لأني أحب أن أتفهّم ظروف الناس وأوضاعهم، فكيف الرفاق؟ لكن بعد سنة، حين «ردّد» الرفيق خالد الجواب نفسه مع بعض التغيير في التعابير، شعرت بالحزن، ولم أرغب خجلاً في مساءلته للمرة الثالثة!
بعد يومين، كما يقال، سوف يلقي الأمين العام خطاباً في بلدة حصرايل في ذكرى الاستقلال عن فرج الله، الحلو لكونه من «المغيّبين» في هذه الذكرى.
وكما يقال أيضاً، إن هناك معارضة لهذا الخطاب في حصرايل نفسها. لذا يعزّ عليّ أن أختم بالكلمة الآتية: عسى ألا تُستغل ذكرى المثالي الجليل الذي لا قبر له في لبنان ولا في أي مكان، لأهداف سياسية ـــــ انتخابية، وأتمنى أن نحترم جميعاً ذكرى فرج الله الحلو ونعمل على طبع ونشر كل كتاباته الصادقة، حينها يأتي دور المؤرّخين لكي يعترفوا بدور فرج الله الحلو في استقلال
لبنان.