محمد محسنلم يكن سبب ابتعاد بعض النسوة عن الميكروفون واضحاً، مع أنّهن صاحبات القضية، وعصارة المادة الدسمة التي تناولها اجتماع «اللقاء الوطني للتمييز ضد المرأة». الكوتا النسائية ومنح الأم الجنسية لأبنائها، كانا الموضوعين الرئيسيين على طاولة قاعة الاجتماعات في الطابق الثالث من قصر الأونيسكو. كان الجوّ هادئاً، رغم التأخر مدّة نصف ساعة عن الموعد المقرّر. دقّت الثالثة والنصف، ليبدأ اللقاء بعرض ما أُنجِز في العام الماضي على مستوى القضيتين المطروحتين، لجهة التواصل مع الهيئات الرسمية المختصّة كلجنة الإدارة والعدل، والتظاهرات التي نظّمنها، ومتابعة إصدار البيانات وعقد اللقاءات الإعلامية. انتهت الجردة السنوية التي تلتها عزّة مروة، ليبدأ النقاش وتقديم الاقتراحات. بدا واضحاً أن السيدات المتحلّقات حول طاولةٍ مستطيلة، لم يتابعن جيداً، إذ إن أسئلتهنّ عكست إهمالاً «نِسوياً» لأعمال اللقاء. كرّت سبحة الأسئلة، فكانت من قبيل: «ماذا قالوا لكنّ حين اجتمعتنّ مع الرئيس؟ ماذا قال وزير الداخلية؟». أجابت رئيسة اللقاء ليندا مطر بأن لجاناً تتابع الأمور مع المعنيين، وأبدت استغراباً لتصرف المسؤولين مع ملفي «الكوتا النسائية، والمساواة في إعطاء الجنسية بين الأب والأم». لم تطل المداخلات، التي تخللتها كلمة لرجل كان وحيداً إلى جانب كاتب هذه السطور، بين أربع وعشرين سيدة. وقد تحدّث فيها «الرجل» عن «ضرورة تفعيل عمل المرأة على المستوى الإعلامي، وذلك لقلب المجتمع الذكوري وإنهاء ترسباته من المجتمع». بعض النسوة رأين تشتتاً في عمل النساء، الأمر الذي يستدعي الوحدة، والنزول بتظاهرةٍ ضخمة قوامها خمسمئة امرأة، «هل نستطيع توفيرهن؟» تسأل إحدى المشاركات، لتجيبها أخرى: «في أكتر بكتير، ولازم ينزلو ولادن وأزواجن معن». أجمع الحاضرون على ضرورة التواصل مع الهيئات النسائية في الأحزاب اللبنانية على اختلاف انتماءاتها، وخصوصاً في ما يتعلق بموضوع الجنسية. كذلك، فقد كان واضحاً أن الجميع ركّزوا على الموضوع الأخير لأنه «نضج إعلامياً وسياسياً واجتماعياً»، فيما لم تعد الـ«كوتا» ذات أهميّة، نظراً لاقتراب الانتخابات. ورغم ذلك، اتفقت المشاركات على إكمال التواصل مع المعنيين في الكتل النيابية. النساء اللاتي جلسن على هامش الطاولة، لم يشاركن بأي نقاش، فما قصتهن؟ الأولى، المتزوجة بمصري، لا تجد جنسية لأولادها الأربعة، رغم «أنهم ولدوا وعاشوا هنا». أما الثانية، فتخاف على مستقبل أولادها الثلاثة «الذين لم يحصلوا بدورهم على جنسية. تسألهن عن سبب امتناعهن عن المشاركة، فيقلن ما معناه أن «المتحدثات أفهم منا بالموضوع». تنظر إليهن وتسمع نفسك تقول: ربما.