شارع «بلس» هادئ على غير عادته في منتصف الأسبوع. تمرّ بضع سيارات من وقت لآخر. في وسط الشارع تقف شاحنة كبيرة للجيش اللبناني. يسود المزاح والتنكيت بين العناصر، وهم يستعدون للنزول من الشاحنة وتسلّم مهمة مراقبة الشارع وحمايته من زملائهم. لا شيء في الشارع سوى وجود القوى الأمنية ينبئ باليوم الطويل، الذي عاشه أمس طلاب الجامعة الأميركية في بيروت لاختيار 109 ممثلين عنهم إلى المجلس الطلابي.على مدخل الجامعة زحمة بسيطة تعود إلى التدقيق ببطاقات الداخلين. في الداخل، يتوّزع بعض الطلاب على الدرج، يحاول زملاء لهم إقناعهم بمرشحيهم وتوزيع لوائحهم على الناخبين، فيما بدت الحركة عادية جداً. أحد الشبان ممن يلبسون سترة «فاليه باركينغ» الصفراء التي تميّز مناصري لائحة «طلاب في العمل» يصرخ في وجه زميل له «أنا صحيح لابس هيدا (ممسكاً سترته) لكنني صوّتت لـPioneers لأنهم انكشفوا على حقيقتهم».
عند سؤال الجالسين على الدرج عن الانتخابات تأتي الأجوبة متناقضة. «أنا صوتت منذ الصباح الباكر»، يؤكد أحمد وهو طالب في كلية الهندسة، «لكن غيري كسول جداً حتى يقترع». تنتفض زميلته وتؤكد له أنّها لن تنتخب مهما تنوعت وسائل ضغطه عليها لأنّ «الموضوع ما بيستاهل، ما رح يجينا شي غير وجع الراس».
يسيطر الهدوء في حرم الجامعة ولا يبدو الجو «انتخابياً» إلا أمام مبنى «وست هول»، حيث تقترع كليّتا إدارة الأعمال، الآداب والعلوم. إذ ينهمك مندوبو اللوائح المتنافسة في متابعة لوائح الشطب وتوزيع الأوراق الصغيرة الملونة على الطلاب. ورغم «العجقة» فإن الوضع لا يشبه السنوات الماضية حين كانت الحماسة أكبر. أمام المبنى، يحاصر شابان زميلتهما في الصف. يدفع كلّ منهما في وجهها بورقة تضم مرشحيه. تضحك وتخبرهما أنّها لن تنتخب إذا تابعا تصرفهما هذا وتفلت منهما. على بعد خطوات، يخبر أحد مناصري لائحة «سباق من أجل التغيير» أصدقاءه أنّ «فلاناً» لن ينتخب ويرفض الموضوع كلياً. تسأله زميلته إذا حاول إقناعه بتغيير موقفه. فيخبرها أنّه عاد إلى منزله ولا يهمه الأمر على ما يبدو.
تأخذ إحدى مناصرات لائحة «طلاب في العمل» على عاتقها، مهمة تحفيز الزملاء فتصرخ لكل من يمر من أمامها وتربطها به معرفة «اتحمس معنا شوي» دون أن تلقى جهودها آذاناً صاغية.
رامي وهو طالب «فرشمان» في كلية الهندسة يؤكد أنّه صوّت ورقة بيضاء لأنّه لا وجود لمستقلين في كليّته. ويتحسر رامي على وضع المستقلين في الجامعة عموماً، إذ يرى أنّ الأطراف السياسيين يتنازعون على دعم المستقلين ما يؤدي إلى ضياع بعض الأصوات التي ينفرها هذا الدعم.
بعيداً عن اللوائح المتنافسة وزّع النادي العلماني بياناً بعنوان «VOTE, DON'T GOAT» دعا فيه الطلاب إلى «الاقتراع بطريقة مسؤولة، اعتماداً على ما يستطيع كل مرشح تنفيذه من أجل مصلحة الجامعة لا بما يرتبط بالاعتقادات المذهبية والطائفية».
ديما...


لغز بطاقات التشريج

فوجئ الطلاب المعارضون والموالون على السواء بتوزيع بيان حمل أسماء طلاب وأرقام هواتفهم، مع إشارة إلى جانب كل اسم في حال اقتراعه لمصلحة لائحة 14 آذار. وبسرعة وُجه الاتهام إلى تيار المستقبل بدفع رشى وتوزيع بطاقات تشريج هاتفية للطلاب. تهمة نفاها مناصرو التيار ليضع أحدهم الموضوع في خانة الحملات الانتخابية الفاشلة من المعارضة. في المقابل، يؤكد طلاب لائحة «سباق من أجل التغيير» أنهم غير مسؤولين عن توزيع البيان، وأنّهم فوجئوا مثل زملائهم باللائحة الأخرى بما حدث. ويتهم بعض الطلاب طرفاً ثالثاً بمحاولة خلق أزمة بين المتنافسين. أما البيان فـ«فص ملح وداب» إذ لم يعد أحد من الطرفين يملك نسخة منه.