احتفظت قوى 14 آذار بسيطرتها على أكثرية المقاعد في الجامعة الأميركية في بيروت، فحققت فوزاً نظيفاً في كلية إدارة الأعمال، وانتزعت كلية الآداب والعلوم بعدما سجّلت قوى المعارضة تقدّماً ملحوظاً فيها. ونجحت حملة «الرواد» أو «Pionneers» التي خاضتها «المعارضة» في استعادة قلعتها التاريخية في كلية الهندسة
ديما شريف
لم يفطن أحد ليل أمس إلى أنّ قوى 14 آذار لا تزال تسيطر على معظم مقاعد المجالس الطلابية في الجامعة الأميركية في بيروت، فاحتفالات المعارضة عمّت مختلف الشوارع والأحياء، احتفاءً بإحرازهم تقدماً ملحوظاً في أكثر من كلية، وهو ما لم يكن متوقعاً من الجميع.
ورغم تقدم قوى المعارضة عبر اكتساح مقاعد كلية الهندسة وتحقيق خرق مهم في كلية الآداب والعلوم، إلّا أنّ الأهم هو المقاعد التي سيحصدها الجميع في المجلس الطلابي الأعلى الذي ينتخب الأسبوع المقبل.
«فوز تاريخي»، هكذا يصف مسؤول التيار الوطني الحر في الجامعة فيكتور عبود النتيجة. ويؤكد أنّ الفوز في كلية الهندسة كان متوقعاً، لكن ما حصل على مستوى الجامعة ككل كان مفاجأة للجميع. ويصرّ عبود على أنّه لا يزال لا يصدّق النتيجة الإيجابية جداً. من جهته، يؤكد إبراهيم زهر الدين من مجموعة «بلا حدود» اليسارية المستقلة أنّ فوزهم بخمسة مقاعد كان متوقعاً، وكانوا إلى جانب ذلك يتوقعون حصولهم على ثلاثة مقاعد إضافية. وفيما تعذر الاتصال بممثلي قوى 14آذار، انقسم المناصرون بين فرح بالنتيجة، ومصدوم بما حققته المعارضة.
خرج إذاً الطلاب، كلٌّ يحتفل بالفوز على طريقته. فكانت سيارات مناصري لائحة «سباق من أجل التغيير» التي تضم قوى المعارضة تنتظر في شارع «بلس»، وقد جُهِّزت بأعلام حزب الله وحركة أمل لتجوب الشوارع احتفالاً، فجوبهت بالصيحات الاستهجانية لمناصري «طلاب في العمل» التي تضم قوى 14 آذار. وانتشر عناصر القوى الأمنية المسلحون بهراوات، بكثافة على جانبي الطريق. وحاولوا إبعاد الطلاب فور خروجهم من الحرم تفادياً لأيّ إشكال بين الفريقين المتنافسين.
وانطلقت بعد النتائج، تظاهرتان «عفويتان» إلى منزل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة القريب من الجامعة، وأخرى إلى مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة. على أحد المفارق، تجمّع شبّان من الحزب السوري القومي الاجتماعي مع أعلامهم، فتدخّل عناصر الجيش لاحتواء الموقف قبل أن يتصادموا مع مناصري تيار المستقبل في تظاهرتهم الصغيرة.
وبالعودة إلى أجواء الفرز، بدأ الطلاب بالتجمع في باحة «وست هول» قبيل إقفال الصناديق في الخامسة مساءً. أطلق الفريقان العنان لحناجرهم وشعاراتهم المعهودة، قبل أن يتدخل عميد الطلاب مارون كسرواني ليفصل بينهم بواسطة عوائق حديدية وشاشتين لنقل النتائج استعداداً لفرز الأصوات. واختار بعض الطلاب أن يتسلّقوا الأشجار المحيطة كي تتسنى لهم مشاهدة أفضل.
بدايةً، وقف الطلاب الفلسطينيون والأردنيون في الوسط بين أصفر «14 آذار» وأحمر «المعارضة»، على أدراج «وست هول» ليطلب منهم كسرواني لاحقاً اختيار إحدى الجهتين، فوقفوا خلف طلاب المعارضة. وكان المرشح الأردني طارق عبد الرحمن قد أكّد أن لا تحالف يجمعهم مع قوى 14 آذار أو المعارضة، لكن هناك اعتماد على العلاقات الشخصية والصداقات.
وفي انتظار بدء إعلان النتائج، بدأ الطرفان تبادل الشتائم والإهانات. فإلى جانب الشعارات المذهبية المعتادة، كرر الطلاب «إرهابي، إرهابي، حزب الله إرهابي» في الجهة الصفراء، في مقابل «رح نفرجيكون كل يلي صار بـ7 أيار» في الجهة الحمراء. كذلك، عمد طلاب المعارضة إلى إطلاق شعار «1،1،1 القوات كلن واحد» كلما فاز طالب قواتي. أما مناصرو «طلاب في العمل» فكانوا من وقت لآخر يتذكرون أسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي في هتافاتهم إلى جانب شعار «صدّام حيّ فينا». ولم يستطع طلاب الفريقين التزام قرار إدارة الجامعة بعدم رفع رموزهم الحزبية، فرفرفت الفولارات البرتقالية والزرقاء وعلم الكتائب.
مع إعلان كل اسم، كان يعلو صراخ كل فريق ليؤكد انتماء الشخص له. وحدهم المستقلون لم يجدوا من يصرخ باسمهم، فكان الطرفان المتنافسان يصمتان فجأة عند إعلان اسم أحد هؤلاء. ولم يكن الجميع يعرف أسماء مرشحي اللائحة التي يدعمها، ما اضطر البعض في كلتا الجهتين لتنبيه الآخرين «هيدا معنا، اصرخوا له».
وعند انتهاء الفرز، غنّى الطلاب مجتمعين النشيد الوطني اللبناني ونشيد الجامعة. وشكر كسرواني كل الموجودين على «تصرفكم بما يليق بالجامعة» ويطلب منهم أن يخرجوا كلّ من جهة.
وكان النهار الانتخابي تميّز بهدوئه، إذ لم يسجّل أي من الأطراف أي خرق أو حادث يذكر. الاعتراض الوحيد جاء من مرشح «بلا حدود» نائل حلواني الذي اتهم مناصري لائحة «طلاب في العمل» بخلق زحمة غير مبررة على مدخل مركز الاقتراع في «وست هول» لدفع الطلاب المنتظرين إلى التخلي عن الانتخاب.
وبغض النظر عن الفائز في انتخابات أمس، فإن أعلام أحزاب كثيرة تجاورت من دون حصول أيّ عنف جسدي. فرفرفت أعلام القوّات في «بلس»، فيما أحرق مناصرو المعارضة في «فردان» بعض السترات الصفراء التي كان يلبسها مؤيدو قوى 14 آذار. أما الخاسر الأساسي في معركة AUB فهو المطاعم المنتشرة على طول شارع «بلس» التي علا صراخ أصحابها من توقّف عملهم بسبب توقف السير بعد التفتيش الذي طال كل السيارات المارة في «بلس».