أنجز تلامذة السابع أساسي في ثانوية الإمام الباقر في الهرمل «كراس التمارين الإضافية» في الرياضيات، في محاولة «لمساعدة زملائنا على فهم سريع وشامل لدروس المادة، ولأنّ التمارين في الكتب العادية لا تشبع طموحاتنا في التعمق في المعادلات الرياضية»
الهرمل ـ رامي بليبل
تجمع «فرقة الـ 18»، كما يحب أعضاؤها تسمية أنفسهم، نماذج مختلفة من كتب مخصصة لمادة الرياضيات ودفاتر التمارين التطبيقية الخاصة بها. يجلس تلامذة السابع أساسي حول الطاولة المستديرة في إحدى القاعات في مدرستهم، للمشاركة في الجلسة الختامية لمشروعهم الخاص جداً: «دفتر تمارين رياضيات ابتكروه بأنفسهم!».
يدرس التلامذة في «ثانوية الإمام الباقر» التابعة لجمعية المبرات الخيرية في مدينة الهرمل حيث يحاولون منذ فترة تحضير كتاب لتمارين الرياضيات، «من أجل تحفيز العقل على العمل والتحليل أكثر، عبر توظيف كل طاقاته الممكنة»، كما يؤكد علي، أحد التلامذة المشاركين.
وفي الجلسة الـ53 التي تميّزت بنقاش محتدم بين التلامذة والأرقام، توصل «الرياضيّون» إلى «كراس التمارين الإضافية». تتطاير الأشكال الهندسية والمعادلات بين التلامذة محدثة صخباً شديداً، ليبصر الكراس النور بعد ست ساعات متواصلة من النقاش.
تشرح التلميذة علا عساف أنّها شعرت وزملاءها بأنّهم يملكون قدرات معينة يستطيعون استخدامها «لمساعدة زملائنا في فهم سريع وشامل لدروس مادة الرياضيات».
تشير علا إلى أنّهم عرضوا الفكرة على مدرّستهم التي كانت تتابع تطورهم في المادة منذ سنوات «فدعمتنا وشجعتنا، وها هو الكرّاس الجديد بين أيدينا».
أما التلميذة وجدان التالى فتوضح أن الفكرة انطلقت من تجربة شرح بعض الدروس في الصف واستخدام طرق مبسطة في تقديم المعلومات، وهم الآن بصدد كتابة دروس خاصة يطمحون إلى أن تكتمل بين دفتي كتاب موحد ممهور بتوقيعهم.
وبرزت من بين التلامذة وجدان قطايا التي وضعت أسئلة تمزج بين الجبر والهندسة.
وكانت وجدان قد أُعفيت من الامتحانات المدرسية في مادة الرياضيات لسنتين متتاليتين لتفوقها فيها. في المقابل، تميّز التلميذ جلال حسان بهدوئه وفطنته وسرعة تحليله للمعطيات، وأُعفي هو أيضاً من الامتحان لسنتين متتاليتين.
تقول معلمة الرياضيات ريماز التالى، المشرفة على عمل «فرقة الـ18»، إنّ مسيرة التلامذة بدأت في الصف الثاني الأساسي. ولاحظت حينها أنّ اعضاء الفرقة يطرحون أسئلة أكبر من أعمارهم، فأبديت اهتماماً لهم، لكن لم يكن لدي أي تصور عما يمكن أن يحصل لاحقاً». ولفت انتباه التالى طريقة الإجابات التي كان يقدمها أحد أفراد المجموعة في الصف الثالث الأساسي، رغم أن السؤال التشخيصي الذي تطرحه المعلمة كان يتطلب إجابة واحدة ومختصرة. من هنا، بدأت رحلة المتابعة مع التلاميذ والسعي لتنمية قدراتهم الإبداعية.
وبدأت إدارة المدرسة في الصف الرابع والخامس والسادس أساسي برنامجاً تربوياً أعدّ لتغذية الحافز لدى التلاميذ كي يتعمقوا أكثر في المادة ويتمكنوا من استنباط الأسئلة وطريقة طرحها وتحديد الأهداف والأبعاد التي ترمي إليها.
وكانت ثمرة العمل في الصف السابع حين استطاع التلاميذ على مدى أكثر من خمسين جلسة وضع كراس تمارين إضافية مميزة بالأسلوب والسهولة والشمولية، إلى جانب أنّها تمكّن من يدرس فيها من فهم خلفيات المفاهيم الرياضية، إن كان في الجبر أو في الهندسة.
من جهته، يتحمس مدير الثانوية، محمد مصطفى السعيد لفكرة الفرقة، «إذ يجب تشجيع مثل هذه المبادرات للتلامذة وتنميتها ودعمها بكل الوسائل للوصول إلى نتائج مميزة. ويرى المدير أن ما قام به التلاميذ هو مجهود نابع من القدرات الذهنية لديهم والإيمان العميق لدى الإدارة بقدراتهم، ما استوجب إعطاءهم أهمية خاصة أثمرت عملاً متقناً.
ويشير السعيد إلى أنّ «الإيجابية الكبرى التي حصلنا عليها من عمل هذه المجموعة هي تأجيج روح المنافسة لدى المميزين في باقي المواد التربوية للعمل بالطريقة نفسها وبما تبدعه عقولهم الفتية».
يؤكد المدير أنّ التلامذة هم بصدد إجراء أبحاث إحصائية للمدرسة لمعرفة عدد الخريجين فيها منذ انطلاقة العمل في 1988 وحتى الآن، إلى جانب أمور إحصائية أخرى بمساندة من الإدارة.
العمل التأليفي الذي قام به تلامذة ثانوية الإمام الباقر في الهرمل ليس عملاً فريداً من نوعه، إلا أنه ناتج من طلاب في الصف السابع الأساسي لا يزالون على مقاعد الدراسة، لكنّهم وظفوا قدراتهم الذهنية بما يعود بالفائدة عليهم وعلى زملائهم.


وقفة
مضامين الكرّاس

يحتوي كراس التمارين الإضافية على ما يناهز مئة تمرين متنوع. وتناولت التمارين الموضوعات الأساسية في مناهج التدريس الخاصة بصف السابع الأساسي في الهندسة والجبر كالعمليات الحسابية المركبة والعبارات الجبرية والبراهين الهندسية. وقد تفاوتت التمارين من حيث الصعوبة، فكان فيها ما يحاكي التطبيق المباشر وما يحاكي مهارات التحليل والتركيب والتقويم. كذلك، تناول قسم منها الجبر والهندسة معاً لجهة حل المعادلات المكوّنة من إقامة علاقات بين محيطات ومساحات أشكال هندسية.


تهتم التلميذة دانا مطر بالأمور الفنية، ومن بين هواياتها العديدة، الكتابة والرسم على السواء. وأثرت هواياتها الفنية هذه على التمارين التي ألفتها مع زملائها. إذ غلب على التمارين التي أسهمت في تصميمها الطابع الهندسي.


كانت للتلميذ علي محفوظ تجربة تحضير درس وشرحه منذ كان في الخامس أساسي. ويتميز علي بميله إلى التمثيل الكوميدي. وتحمّس للعمل على الكرّاس، لأن التمارين في الكتب العادية «لا تشبع طموحاتنا في التعمق أكثر في المعادلات الرياضية».