رنا حايكليست حملة التضامن الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة. يتفق رئيس مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان محمود حنفي، وممثل منظمة هيومن رايتس ووتش نديم حوري، على هذه الخلاصة التي عبّرت عنها مداخلتاهما في نقابة الصحافة، أمس، خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلن البيان التضامني للجمعيات الحقوقية مع أهالي غزة. تحت عنوان «حصار غزة.. جريمة ضد حقوق الإنسان»، أدان حنفي المجتمع الدولي الذي «لا يحرّك ساكناً أمام أفظع الجرائم، بينما يتحرك أمام قضايا أقل أهمية».
فأهالي غزة يتعرّضون «لإبادة جماعية، حيث فاق عدد المرضى الذين لاقوا حتفهم نتيجة عدم توافر العلاج 250 مريضاً»، وهي إبادة «تتحمّل مصر مسؤولية أخلاقية عنها لجهة إغلاق معبر رفح متذرعة باتفاقيات دولية تعدّ باطلة لأنها لا تحترم حقوق الإنسان». كان لقاء أمس جزءاً من حملة تقوم بها مؤسسة شاهد، ستستكمل باعتصام لاحق أمام مقر الصليب الأحمر الدولي وعريضة تقدّم لهيئته، وبزيارة احتجاجية لممثلية الاتحاد الأوروبي، كما بسلسلة من الندوات تقام في المخيمات الفلسطينية في لبنان هدفها توعية أبناء المخيم بأهمية التضامن المعنوي لا المادي فقط مع أهالي غزة. اختُصرت المنظمات الحقوقية في هذه الحملة بمنظمات عالمية كـ«هيومن رايتس ووتش» و«أمنستي» ومؤسسات أخرى أوروبية ستعمل على ترجمة تقارير صادرة عن أوضاع غزة وتنشرها في مجتمعاتها، بينما غاب تمثيل أي جمعية حقوقية عربية. «مشغولة بهمومها». هكذا فسّر حنفي غيابها، مطلقاً مثالاً على هذا الشغل: «كانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان قد قدّمت دعوى ضد قادة إسرائيليين ومصريين، وتابعتها بجدّ، لكنها لم تلبث أن توقفت لأسباب غامضة، ولم نعد نسمع عنها شيئاً. ثم إن العمل مع جمعيات ومؤسسات أجنبية مثمر أكثر». يعطي حنفي أهمية كبيرة للتحركات الحقوقية والإعلامية، من ناحية نجاحها في الضغط. تحرّكات اعترف ممثل منظمة هيومن رايتس ووتش، نديم حوري، بأنها «لم تنجح بعد في التأثير بفعالية»، ما دفعه إلى بدء كلمته بالتعبير عن «خجلنا أمامكم، لأن كل البيانات والحملات التي قمنا بها لم توصل إلى شيء». إلا أن «فشل اليوم لا يعني فشل الغد، وليس بوسعنا سوى أن نكمل الضغط على المجتمع الدولي».
شدّد حوري في كلمته على ضرورة «تحييد المدنيين في النزاعات المسلحة»، واصفاً ما يحدث في غزة بأنه «عقاب جماعي تمارسه دولة تعتبر محتلة بحسب القانون الدولي»، ومعتبراً أن المأساة الحقيقية تكمن في أن «80% من الغزاويين يعيشون اليوم على المساعدات، بعد أن كان 10% منهم فقط يعيشون عليها منذ عشر سنوات»، بينما يكمن حلّها الوحيد في «رفع الحصار الكامل عن غزة، من خلال ابتكارنا لطرق جديدة دوماً للضغط، ومن خلال منع أنفسنا من التعوّد على المشهد المأساوي في غزة واعتباره واقعاً لن يتغير».
وقد وُزّع خلال اللقاء بيان تضمّن خلاصة موقف مؤسسة شاهد التي «ثمّنت فيه عالياً موقف الحكومة القبرصية لسماحها لسفن الحرية باستخدام موانئها البحرية»، بينما رحّبت بـ«قرار وزراء الخارجية العرب بتقديم العون والمساعدة العاجلة لسكان قطاع غزة»، مذكّرة بأن «العبرة دائماً في التنفيذ».


«جراميز» صيدا حضروا...

كان حنفي يلقي كلمته حين دخل «جراميز» كشافة الإسراء.
توقف المتحدث عن الكلام بسبب جلبة الأطفال المحبّبة، لكن الدعوات سرعان ما تعالت: «كمّل، كمّل». فأكمل مبتسماً لأطفال مخيّمي المية ومية وعين الحلوة الذين أتوا حاملين يافطات كتب عليها: «أين نخوتكم يا عرب؟ بأي ذنب نقتل؟ بأي ذنب تحاصرنا مصر؟». بعدها، صعد أحد الأطفال إلى المنصة وألقى قصيدة وهو يمسك علبة دواء بيد وقنينة حليب فارغة بالأخرى، بينما وقف تحت المنصة زميلان له يمسكان بحمالة تمدّد عليها طفل. أما المشهد التمثيلي الذي كان الأطفال قد تدربوا عليه، فلم يتسنّ لهم أن يؤدّوه نظراً إلى ضيق الوقت.