انطلقت أمس فعاليات النسخة الأولى من «المعرض التوجيهي المهني» الذي ينظمه «المركز الإسلامي للتوجيه والتعليم العالي»، برعاية وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري. ويستقبل المعرض تلامذة من المدراس الخاصة والرسمية على السواء
محمد محسن
تحتشد قرب قصر الأونيسكو باصات مدرسية، ينزل منها تلامذة من صفوف التاسع، إلى الثانوي الثالث بفروعه العلمية والأدبية. حضر التلامذة من مختلف مناطق لبنان للتعرف إلى الاختصاصات «الممكنة» مادياً وأكاديمياً التي يقترحها عليهم «المعرض التوجيهي المهني» الذي ينظمه «المركز الإسلامي للتوجيه والتعليم العالي».
يخرج التلامذة من القصر حيث يحملون أكياساً ومناشير جامعية. تحمل نهاية زيارتهم انطباعاً غير ذلك الذي دخلوا به، فمنهم من اطمأن لاختصاص المستقبل، ومنهم من يبحث سريعاً بين المناشير عمّا يقنع طموحه، الذي استبدل بعد الزيارة، لأسباب عدة، تبدأ عند الأمور المادية وتنتهي على أعتاب المقررات والدروس ومقر الجامعة المستقبلية.
في الداخل أجواء مختلفة، تحمل طابعاً جامعياً بحتاً، رغم أن الجزء المهم من صانعيه هم تلامذة مدارس. يجول التلاميذ بضحكاتهم وأسئلتهم الكثيرة على أجنحة الجامعات. لا تهدأ هذه الأجنحة أثناء الرد على أسئلة التلاميذ الكثيرة. «قديش قسط الصيدلة أو الطب أو الهندسة؟»، يطرح هادي جابر نيابةً عن رفاقه في صف علوم الحياة على مندوبة إحدى الجامعات الخاصة. ما سمعه هادي عن غلاء الأقساط جعله يتريث قبل اتخاذ أي قرار يتعلّق بمستقبله العلمي. تبتسم المندوبة وتدعو التلامذة للاطلاع على لوائح الأسعار والاختصاصات. ينظر هادي على الفور إلى مطلبه. ثم يضحك بصوتٍ خفيض، حين يعلم بأنّ الكلفة السنوية لاختصاص الصيدلة في هذه الجامعة الخاصة، هي 11 ألفاً و500 دولار سنوياً. فما كان منه إلا أن غيّر رأيه، وتوجّه نحو جناح الجامعة اللبنانية «حيث القسط محمول»، كما يقول.
يحتاج التجوّل بين الأجنحة الـ19 للجامعات المشاركة، إلى وقت غير قصير كي يحصل الطلاب على شرح كاف يشفي غليل معرفتهم. هكذا تشتد الزحمة أمام أجنحة بعض الجامعات المشهورة، فيكدّس التلامذة منشوراً فوق آخر. وبسبب تنوّع المدارس الزائرة، ينتج تنوع في المستوى الاقتصادي لتلامذتها. فتسترسل إحدى تلميذات مدرسة «مرتفعة الأقساط» في حديثها مع مندوبة الجامعة الأميركية في بيروت، فيما لا تتعدّى زيارة تلامذة المدارس الرسمية إلى بعض الأجنحة بضع دقائق، «لأننا تلامذة المدارس الرسمية، فقراء ولا أمل لنا في هذه الجامعات»، تقول ميساء سحمراني من ثانوية الغبيري للبنات.
وكان جناح الجامعة اللبنانية استقطب أكثرية الزائرين، الذين يتوقع المنظمون أن يبلغ عددهم عشرة آلاف مع انتهاء المعرض مساء اليوم. «نأتي إلى الجامعة اللبنانية، لأنها جامعة الفقراء»، بهذه العبارة تختصر مايا قاسم طموحها بأن تكون مذيعة بعد أن تدرس في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية. وتضيف مايا «لا أؤمن بالواسطة، وسأنجح بتعبي في امتحان الدخول». تشبه حالة مايا، حالة تلاميذ كثر لا يستطيعون تسديد أقساط الجامعات الخاصة، فلا يبقى «أمامنا إلا الأمل بالجامعة اللبنانية وكلياتها».
في القاعة الغربية من المعرض، تصطف أجنحة خاصة، يديرها اختصاصيون في العديد من المجالات (العلوم، الهندسة الزراعية، الفنون والعمارة، معلوماتية، حقوق، إدارة أعمال)، للنقاش مع الطالب، وتوضيح نوعية الاختصاصات المستهدفة، من باب الخبرة. وقد كثرت تجمعات التلامذة أمام الأقسام العلمية تحديداً، حيث خضع البعض لاختبار الذكاء الذي يعطي التلميذ معدّل ذكائه (IQ) ونوعية الاختصاص الذي يصلح له. كذلك، لم يهدأ المختصون أثناء عرض إرشادات عامة، لاقت إنصاتاً وتركيزاً شديدين من التلامذة.
بين القاعتين الشرقية والغربية، ثلاث لوحات توجيهية، ترتبط المهن والاختصاصات بالشخصيات الملائمة لها. فعلى سبيل المثال، أوضحت إحدى اللوحات أنّ الشخصية البحثية، يليق بها الدخول في مجالات العلوم والأبحاث العلمية. كما دلت اللوحة ذاتها إلى أن اختصاصات الحقوق وإدارة الأعمال، تليق بالشخصية المبادرة.


وقفة
حصة طلاب الجامعات


كان لافتاً في المعرض، وجود الكثير من طلاب الجامعات، الذين احتشدو أمام مركز لتأمين الوظائف في القاعة الغربية. ملأ الطلاب استمارات، وجالوا في أقسام المعرض.
لم يوفروا مساعدةً أو نصيحةً للتلاميذ، بشأن نوعية الاختصاص، وسوق العمل، الذي شكا كثيرون من ندرة الفرص فيه.


طرحت الطالبة مارلين رمضان أسئلةً عن المعاهد المهنية والتقنية، تتمحور حول الاختصاصات، وإمكان متابعتها جامعياً بعد إنهاء مرحلة الــTS. تبدي مارلين تفاؤلاً باختصاصها، وهي ستكمل دراسة إدارة الأعمال حين تستطيع، في جامعة رسمية أو خاصة


جاء الطالب خضر أحمد من مدرسة المصطفى في حارة حريك، للاطلاع على أجواء الجامعات، واختصاصاتها وأقساطها. يطمح خضر إلى دراسة الطب في جامعة خاصة، لكنّ أحواله المادية لا تسمح له أبداً، ما دعاه للتفكير في «طب الجامعة اللبنانية» رغم مشقّته