إبراهيم الأمين أصلاً لن يكون بمقدور أحد أن يبرّر الاعتداء على أحد، صحافياً كان أو سياسياً أو مواطناً عادياً. وبالتالي لا منّة لأحد على أحد بأن استنكر أو تضامن مع المعتدى عليه، كما لا جرأة في مطالبة القضاء بالتحقيق ومعاقبة المسؤول عن الاعتداء. ويمكن أن يضاف إلى كل ذلك، أن للناس المتضررين بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الاعتداء، أن ينظّموا الاحتجاجات الرافضة لما حدث، وأن يكون التضامن بأبهى صوره. وفي هذا السياق يمكن فهم ما جرى في قضية الزميل في إعلام «المستقبل» عمر حرقوص. وبالطبع لن يطالب أحدٌ أحداً باستغلال الحادثة لأغراض أخرى. وإذا كان مهماً أن نحفر في ذاكرتنا الاعتداء كنقطة سوداء يجب تجنّب تكرارها، فإنّ الأهم هو أن نضيف إلى ذاكرتنا نتيجة قضائية، وهي أمر نحثّ عليه الزملاء في إدارة إعلام «المستقبل» حتى لا تكون المطالبة مجرد شعار تختفي خلفه أمور أخرى.
لكن النقاش الآخر الذي يجب على الزملاء في «المستقبل» الاهتمام به، لا يتصل بأصل الموضوع، بل بطريقة التعبير واتهام الآخرين بالمسؤولية. فمن غير الممكن لبعض الكتبة العودة إلى النغمة نفسها، تلك التي ترى أنّ الانتقاد السياسي والإعلامي فعل شراكة في أي اعتداء أو جريمة تحدث. ولو أن الأمر كذلك، لكان الصمت هو الوسيلة الفضلى لمواجهة من يستخدم العنف وسيلة في التعبير أو الاحتجاج.
وإذا كان من الصعب التوصل إلى تفاهم قد لا تكون هناك حاجة إليه في مثل هذه الحالات، فإنّ من المفيد التأكيد على أن الحياة السياسية والإعلامية والثقافية لا يمكن أن تكون رهن اعتقاد هذا أو تصوّر ذاك، وأن التضامن مع حرقوص بوجه من اعتدى عليه لا يمكن أن يتحوّل تضامناً مع فريقه السياسي الصغير أو الكبير، الذي يشترك في المسؤولية عن كل مآسي البلاد منذ ثلاث سنوات حتى الآن. أما الاحتفال على الطريقة العشائرية الذي لا يجري إلا في الأنظمة الدكتاتورية العفنة، حيث الوجوه هي ذاتها، والبيانات هي ذاتها، والتعابير هي ذاتها، فلن يكون بمقدوره حجب الاختلاف السياسي الحاد، مع مجموعة لا ترى البلاد على غير صورتها البالية برغم كل الياقات.