تنطلق «أيام العلوم 2008» الخميس المقبل في التاسع من الجاري وتستمرّ حتى الحادي عشر منه، في ميدان سباق الخيل في بيروت. يهدف الحدث إلى تشجيع مشاركة المجتمع في التجارب العلمية. وكانت تجربة «أيام العلوم» قد انطلقت في جنيف عام 2000، وانتقلت إلى بيروت بالتعاون مع وزارة الثقافة
ليال حداد
للمرة الأولى في لبنان سيصبح للعلوم أيّامها الخاصّة. فبعد أكثر من سنة من العمل بين بيروت وجنيف تنطلق «أيام العلوم 2008» الخميس المقبل في ميدان سباق الخيل، في محاولة لتحويل العلوم من مادة جافة، إلى ورش عمل وتجارب مسلّية.
بدأت قصة «أيام العلوم» بعدما أعجب أحد اللبنانيين الذين يعيشون في سويسرا وهو مالك الخوري، بنشاط «la nuit de la science» الذي تنظّمه بلدية جنيف كل عامين منذ عام 2000، فاقترح على رئيس بلدية العاصمة السويسرية، نقل المشروع وتطبيقه في بيروت، وهو ما حصل بالتعاون بين بلديَتَي العاصمتين ووزارة الثقافة.
إلا أنّ تجربة لبنان ستختلف عن تلك السويسرية، «إذ حاولنا أن نجعل المعرض متأقلماً مع لبنان وطبيعة اللبنانيين واهتماماتهم»، تشرح نائبة رئيس لجنة «أيام العلوم 2008»، برناديت أبي صالح. لعلّ أبرز ما حاول منظمو المعرض تخطيه هو المحاضرات وجلسات الحوار التي لا تجذب سوى المتخصصين في المجال العلمي، لذلك قُسّم ميدان سباق الخيل، إلى أقسام مختلفة. كلّ قسم متخصّص بموضوع معيّن، من علم الأحياء، إلى الهندسة والتكنولوجيا والبيئة والزراعة، إضافةً إلى قسم خاص لورش العمل والمسرح.
وتشارك مؤسسات خاصة وعامّة في كل قسم، ليصل عدد «الستاندات» إلى 43 جناحاً، يستطيع الزائر أن يشارك في الاختبارات العلمية في كل «ستاند»، «كي يشعر بأنّه معنيّ بكل تفاصيل العلم»، تقول أبي صالح.
قد يبدو النشاط موجّهاً بالدرجة الأولى إلى الأولاد وتلامذة المدارس، إلا أنّ الواقع مختلف، «إذ إنّ كل شخص يعيش العلوم في حياته اليومية، من الأهل والتلامذة والموظفين»، تؤكّد أبي صالح، تاركة للزوار الحكم على مضمون المعرض ومناسبته لكل الأعمار.
من ناحية ثانية، يتضمّن المعرض نشاطات قد تسهم في خلق نظرة مختلفة إلى المدينة. فمثلاً تنظّم إحدى شركات المعلوماتية ورشة عمل عن قدرة التكنولوجيا على خلق «بيئة حضرية مستدامة» بهدف تقديم مسالك مترابطة للباصات ومراكز العمل في بيروت، وتوعية المواطن على طرق استهلاك الطاقة.
ماذا عن تحوّل هذا المعرض إلى نشاط سنوي في لبنان؟ لا جواب محدّداً عن هذا السؤال اليوم، «فبعدما عملنا هذا العام ورأينا الكلفة الباهظة التي يستلزمها نشاط كهذا أصبحنا نفكّر ألف مرة قبل تكرار التجربة»، تقول أبي صالح. وكانت الكلفة الأولية قد تجاوزت المئة ألف دولار موّلتها بقسمها الأكبر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في لبنان، إضافة إلى بلدية جنيف، وبلدية بيروت.
وكان وزير الثقافة ورئيس لجنة «أيام العلوم» تمّام سلام قد أكّد في مؤتمر صحافي عقده أمس في نقابة الصحافة أن هذا المشروع سيتيح «فرصة كبيرة للتواصل العلمي، وسيكون بداية إطلاق مجموعة أنشطة في إطار التوعية الثقافية في مجالات العلوم». وأمَل أن تتحوّل «أيام العلوم» إلى حدث سنوي «تتوسّع آفاقه كل عام ويتناول الجديد في عالم الحداثة العلميّة المتسارعة».
أمّا السفير السويسري فرنسوا باراس، فرأى أنه رغم العلاقات الدبلوماسية «الممتازة» بين سويسرا ولبنان، فإن التعاون على الصعيد الأكاديمي لا يزال في بداياته وهو ما يجب أن يتطوّر مع الوقت. وأعلن ثلاثة عروض تشارك فيها دولته خلال الحدث، وهي معرض عن الهزات الأرضية، و«الكوسموسكوب» وهو أول مجسّم شامل للكون، إضافة إلى «الحمض النووي والدمى» وهو نشاط موّجه للأولاد لتعريفهم بمبدأ الحمض النووي.


التجربة السويسرية

عرّف السفير السويسري في بيروت برنارد باراس الجمهور اللبناني إلى «ليلة العلوم» التي تقام كل سنتين في العاصمة جنيف. وتركّز التجربة السويسرية على موضوع علمي واحد، وشرح مختلف جوانبه للجمهور. وكان النشاط الأخير قد اتخذ من «الوقت» موضوعاً رئيسياً، «وهو ما لا نستطيع فعله في لبنان بسبب اختلاف طريقة التفكير اللبنانية». تقول نائبة رئيس لجنة «أيام العلوم» في بيروت برناديت أبي صالح.
كذلك أعطى باراس، مثالاً عن العام الذي اتّخذت فيه جنيف موضوع المياه موضوعاً رئيسياً «فتسنّى للجمهور من خلال المراقبة والتجربة، والتمارين أن يفهم بطريقة أفضل الظواهر المرتبطة بالخصائص العلمية للمياه، والمسائل المتعلقة بإدارتها واستهلاكها».