هل يفتتح موسم الصيد في 10 تشرين الثاني المقبل؟ ومن قال إنه مغلق أساساً؟ وزير البيئة أنطوان كرم المتخبط في ملف المقالع والكسارات يجهد من أجل التعجيل بإعادة السماح بالصيد البري الممنوع بقرار من مجلس الوزراء منذ عام 2001. لكن السماح بالصيد مجدداً دونه عقبات لا تبدأ بإصدار المراسيم التطبيقية ولا تنتهي بجهوزية قوى الأمن التي تعطي الأولوية «لمنع صيد البشر» كما قال للأخبار اللواء أشرف ريفي
بسام القنطار
في الوقت الذي مدّد فيه مجلس الوزراء «المهل الإدارية» للمقالع والكسارات لمدة شهرين بسبب تخبّط وزارة البيئة في تنظيم هذا القطاع، يقوم وزير البيئة أنطوان كرم بجهد استثنائي لتعجيل إصدار جميع المراسيم التطبيقية المتعلقة بتنظيم الصيد البري في لبنان، التي ينص عليها القانون رقم 580 الصادر منذ عام 2004.
وقد توقّع الوزير كرم في حديث للزميلة «النهار» قبل سفره إلى الخارج أن يفتتح موسم الصيد رسمياً اعتباراً من 10 تشرين الثاني المقبل، ما يدفع للسؤال عن سرّ هذه العجلة؟ ولمَ لا يجري تأجيل الأمر إلى العام المقبل؟ الأجوبة عن هذه الأسئلة تحيلنا على الضغوط التي تقوم بها نقابة تجار أسلحة الصيد والاتحاد اللبناني للرماية والصيد المستفيدان الأساسيان من إعادة السماح به، بعد حظره بقرار لمجلس الوزراء في تشرين الثاني 2001.
ويعدّ القانون رقم 580 الذي ينظم الصيد البري في لبنان من القوانين العصرية، لكنّ تطبيقه يحتاج، إضافة إلى إصدار مراسيم تطبيقية، إلى جهوزية عالية وقدرات بشرية وتقنية للقوى الأمنية ومأموري الأحراج وحراس المحميات الطبيعية والمدّعين البيئيين.
عضو حزب البيئة اللبناني بسمة شباني، تساءلت عن قدرة الأجهزة الأمنية اللبنانية على تطبيق هذه القوانين. وقالت: «لم يستطيعوا تطبيق منع الصيد، فهل يقدرون على ملاحقة الصيادين في البراري ومعرفة ما إذا كانوا يصطادون الطرائد أم كل الطيور، بما فيها تلك المهدّدة بالانقراض؟».
موقف شباني «يتطابق» بالنتيجة، مع موقف المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، الذي قال لـ«الأخبار»: إن «أولويتنا منع اصطياد البشر في الوقت الحالي»! في إشارة إلى القدرة المحدودة للقوى الأمنية على اعتقال أي من المتورطين في الجرائم المتنقّلة في لبنان. وأضاف «إن قوى الأمن الداخلي لا تعدّ ملاحقة الصيادين أولوية أمنية قصوى. لكن المخافر في مختلف المناطق تستجيب لأي شكوى يتقدم بها مواطنون ضد الصيادين المخالفين».
«لا يجوز الصيد إلّا بواسطة الأسلحة النارية المرخّصة للصيد، وقوس النشّاب، ويجوز بواسطة الكلاب والصقور والبزاة والعقبان». هذا ما تنصّ عليه المادة التاسعة من قانون الصيد، لكن جولة سريعة على عدة قرى ومدن في محافظة جبل لبنان كشفت عن جرائم بيئية خطيرة بحق جميع أنواع الطيور، عبر استخدام جميع وسائل الصيد التي يحظرها القانون، وهي على سبيل المثال لا الحصر: الصيد بالدبق والشباك والمصايد والأشراك والطيور العائمة الاصطناعية والطبيعية والطعم والصيد المحبوس والأنوار الكاشفة والسموم والغاز والدخان والآلات الكهربائية.
ويمكن المراقب أن يلاحظ انتشار غير مسبوق لأغصان الأشجار المثبّتة على سطوح المنازل والمضاءة بأنوار عالية مع آلات تقلّد أصوات الطيور لاستدراج أبناء جنسها. فهذه الوسيلة غير القانونية والجائرة تقضي على ما يزيد على 150 طائراً في الليلة الواحدة.
وينص قانون الصيد على تأليف المجلس الأعلى للصيد البري الذي أنشئ في 15/6/2006 بالمرسوم الرقم 17454، ويضم حالياً وزير البيئة أنطوان كرم رئيساً، وممثلين عن الوزارات المعنية والجمعيات الأهلية وتجّار الصيد وخبراء.
ويناقش هذا المجلس منذ ما يزيد على الشهرين جميع المسائل المتعلقة بتنظيم الصيد، وخصوصاً تحديد الشروط والمعايير وجهوزية النوادي الخاصة لإجراء الامتحان الذي يخضع له لزاماً كل طالب رخصة صيد للمرة الأولى، كما يدرس المجلس آلية صدور بوليصة تأمين تختص بضمان الأضرار التي قد تلحق بالغير من جراء ممارسة الصيد، والتي يجب أن تحدد بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء.
وينص قانون الصيد القديم على السماح بالصيد على مرحلتين، الأولى بين 15 آب و15 شباط، والثانية بين 1 نيسان و31 أيار، للطيور المهاجرة، لكن القانون الجديد لم يحدّد مهلة معيّنة، ولقد ترك لوزير البيئة تحديد تاريخ افتتاح موسم الصيد وانتهائه والأوقات التي يُسمح بالصيد خلالها، وذلك بناءً على اقتراح المجلس الأعلى للصيد البرّي.
ممثل الجمعيات الأهلية اللبنانية في المجلس، عضو جمعية حماية الطبيعة في لبنان رمزي الصعيدي، استبعد في اتصال مع «الأخبار» أن يُفتتح الموسم هذا العام، نظراً للعقبات التي تواجه إصدار المراسيم. وأكد «أن قرار منع الصيد نهائي، وليس قابلاً للتطبيق».
بدوره حذّر منير أبي سعيد، العضو في المجلس، من استمرار الصيد الجائر في لبنان. وخصّ بالذكر الحملة التي «يتعرض لها طائر السنونو المفيد جداً في التوازن البيئي والتنوّع البيولوجي في لبنان». وأكد أبي سعيد أن «المجلس الأعلى يعكف على دراسة جميع الأمور، ولن يتسرّع في إصدار أي توصية تتعلق بفتح موسم الصيد».
رئيس لجنة البيئة النيابية أكرم شهيب نفى علمه بقرب افتتاح موسم الصيد، مشيراً إلى أن «الصيد تحوّل من هواية نبيلة إلى عملية تجميع لحم». مطالباً «القوى الأمنية بملاحقة جميع المخالفين الذي يقتلون الطيور بشكل جائر». وشاركه الرأي عضو اللجنة النائب نبيل نقولا، الذي أثار هذا الموضوع في اجتماع اللجنة الأخير قبل أسبوع، وخصوصاً لجهة الصيد الجائر الذي ينتشر كثيراً في منطقة المتن.