في لبنان حوالى 60 حالة اتجار بالبشر معروفة سنوياً. هذا ما ذكرته الدراسة الوطنية التي أطلقت أمس برعاية وزير العدل رغم الغموض في تسجيل الحالات. أوصت الدراسة بتعديل القانون وتحسين قدرات المؤسسات على مكافحتها
رضوان مرتضى
«لا يوجد في لبنان حالات اتجار بالبشر بالمعنى الكامل لتعريف هذا الجرم» يقول مسؤولين حكوميين. غير أن الاتجار بالأشخاص هو ظاهرة عالمية تطال بأذاها جميع الدول، حيث باتت «تمثّل أكبر وأهم نشاط مربح لدى المجموعات الإجرامية في العالم».
أطلق وزير العدل إبراهيم نجار ومعهد حقوق الإنسان في نقابة المحامين بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الدراسة الوطنية عن «الاتجار بالأشخاص في لبنان» خلال حفل أُقيم في بيت المحامي حضره عدد من القضاة والمسؤولين والقانونيين والسفراء. وشرحت الدراسة أن أبرز الأسباب التي تحول دون التعرف إلى عدد الأشخاص المُتجَر بهم في لبنان هي «أن هذه الجريمة مستترة ولا يُبَلّغ عنها»، كذلك فإن «عدم وجود قانون يدين الاتجار بالأشخاص ويعده جريمة يؤدي إلى عدم وجود إحصاءات دقيقة للملفات والقضايا التي تقع في هذه الخانة». وكانت وزارة العدل قد باشرت منذ 2005 بإعداد برنامج تعاون فني مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بغية تطوير القدرات المؤسساتية والتشريعية.

بيع الرضّع والأعضاء

ويبدو أن الاتجار بالأطفال بهدف بيع الرضّع قليل في لبنان، علماً بأن وزارة الداخلية اتخذت تدابير إدارية وقانونية بحق مؤسسة ثبت تورطها في بيع أطفال رضّع، حيث أوقف عملها ونزع ترخيصها عنها، كذلك أُحيلت مؤسسة أخرى على القضاء. أما الاتجار بالأعضاء البشرية، فقد اعتُقل في عام 2005 أربعة رجال لبنانيين بتهمة الاتجار بالأعضاء فيما كانوا يتاجرون بالكلى بين العراق ولبنان مدة خمس سنوات. وقع ضحية هؤلاء أناس فقراء طمعاً بالحصول على مبالغ كبيرة، كما ورد سابقاً.

العمّال والعاملات الأجانب

وعلمت «الأخبار» أن المديرية العامة للأمن العام، بالتنسيق مع رابطة «كاريتاس» وعدد من الهيئات الإنسانية الأخرى تعالج العديد من الحالات الاستثنائية للعمال والعاملات الأجانب. ويفيد مصدر مسؤول بأن معظم التحقيقات التي يشرف عليها القضاء في هذا الشأن مكوناتها الجرمية الرئيسية هي الإساءة المعنوية والجسدية والتعنيف المنزلي وعدم دفع المستحقات. ونادراً ما تُعالَج حالة تكون جامعة لكل مكوّنات الاتجار بالأشخاص وبحسب تعريفه الدولي.

التوصيات

خلصت الدراسة التي أُطلقت أمس إلى الدعوة إلى إدخال إصلاحات قانونية على النصوص المعتمدة حالياً، وأهمها تعريف جريمة الاتجار بالأشخاص وتجريم المتجرين بها؛ اعتبار الاتجار بالأشخاص والانتماء إلى مجموعة إجرامية منظمة عبر حدودية جريمة خطيرة؛ ومنح النظام القانوني الإجراءات القضائية الخاصة الآيلة إلى حماية ضحايا الاتجار بالأشخاص والشهود على هذه الجريمة.
أما في ما يخصّ التوصيات الإجرائية فقد ركّزت التوصيات على التدريب والتوعية على التنبه من الاتجار بالبشر؛ اعتماد الشفافية من أجل السماح بالتعرف إلى الضحايا المحتملين؛ وإدراج الاتجار بالأشخاص على لائحة المهام في التحقيقات الخاصة التي تعمل عادة على قضايا الإرهاب والجرائم المالية وتبييض الأموال.


لا تعريف في القانون

إن قانون العقوبات لم يتناول تعريف جريمة الاتجار بالبشر. لكن يمكن الاستناد إلى المادة 668 لإعطاء التكييف القانوني للأعمال الداخلة ضمن نطاق جرائم الاتجار بالبشر. إذ إن المادة تنص على ملاحقة «كلّ من اجتلب أو استوعد لنفسه أو لغيره نفعاً ما باختلاقه أخباراً أو بتلفيقه أكاذيب لحمل شخص على السفر أو لتوجيه مسافر إلى بلد غير البلد الذي كان يقصد إليه».