تطلق وزارة الصحة اللبنانية اليوم الحملة الوطنية للوقاية من سرطان الثدي تحت شعار « آن الأوان للكشف المبكر عن سرطان الثدي 2008». تأتي هذه الحملة في إطار سلسلة حملات نظّمتها الوزارة في السنوات السابقة، والهدف منها الحث والمساعدة على الكشف المبكر عن هذا المرض الذي يحتل المرتبة الأولى بين السرطانات التي تصيب النساء في لبنان بحسب إحصاءات الوزارة عام 2006
غادة نجار
ليس لبنان البلد الوحيد الذي يحتل فيه سرطان الثدي المرتبة الأولى بين السرطانات التي تصيب النساء، فقد أظهرت الإحصاءات التي نشرتها منظمات عالمية أن واحدة من كل 8 نساء في العالم تصاب بهذا المرض، وأن هناك 42000 إصابة جديدة في كل عام، وأن 11000 سيدة من مختلف الفئات العمرية يفارقن الحياة في كل عام نتيجة الإصابة بسرطان الثدي. ويؤكد الاختصاصيون من مختلف المدارس الطبية أن التشخيص المبكر لهذا المرض يمثّل أفضل فرصة للمريضة للنجاة من هذا «الوباء» الذي يضرب النساء بنسبة عالية، حيث تلفت الإحصاءات الأخيرة إلى أن ثلث نساء الأرض مصابات به.
بدأت وزارة الصحة اللبنانية بتنظيم حملات التوعية على سرطان الثدي منذ عام 2002. الحملة الأخيرة (أي عام 2007) حملت شعار «لا تدعي سرطان الثدي يغدر بك»، وأظهرت الإحصاءات التقريبية التي استطاعت الوزارة القيام بها نتيجة هذه الحملة عام 2007 أن عدد السيدات اللواتي خضعن للفحوص خلالها بلغ تقريباً 1556 سيدة في المستشفيات الخاصة (حيث بلغت تكلفة الفحوص أربعين ألف ليرة لبنانية) و459 في المستشفيات الحكومية (حيث تبلغ كلفة الفحص ثلاثين ألف ليرة لبنانية). في المراكز التي أقيمت لاستقبال الراغبات في الإفادة من حملة الكشف عن المرض بلغ عدد اللواتي استفدن من الحملة 1535 سيدة، أي يمكن القول إن نحو 3550 سيدة تراوح أعمارهن بين 47 و49 عاماً خضعن للفحص. أما خلال الجزء المجاني من الحملة، فقد بلغ عدد السيدات اللواتي أجرين الفحوص 3700 سيدة.
تأمل وزارة الصحة نجاح هذه الحملة، التي يضع طاقمها، ومن ضمنه رئيس دائرة الإرشاد والتثقيف الصحي الدكتور رشا حمرا، كل جهوده من أجل تشجيع المواطنات على الاستفادة منها إلى أقصى حد، ويكرر العاملون في الحملة أملهم أن يكون التجاوب معهم هذا العام أفضل من السابق.
تمتدّ الحملة من اليوم (7 تشرين الأول) إلى 15 تشرين الثاني. المفتش الصحي في الوزارة محمد ياسين أكد لـ «الأخبار» أن المراكز والمستشفيات الخاصة والحكومية التي تشارك في الحملة منتشرة في جميع المناطق اللبنانية دون استثناء، وأن التكلفة هي عينها التي كانت معتمدة خلال حملة 2007.
من هي السيدة التي تحتاج إلى فحوص الكشف المبكر؟ للإجابة عن هذا السؤال يجدر التذكير بأن سرطان الثدي ينمو في الوحدات المنتجة للحليب داخل الثدي أي الـ unites ducto-lobulaires، يجري هذا النمو عشوائيّاً فيضرب الخلايا السليمة في الثدي، وفي مراحله المتقدمة ينتشر في باقي خلايا الجسم وأنسجته، وهي المرحلة التي تسمّى الـ Metastase، تكمن خطورة هذه المرحلة التي هي نتاج التأخر في كشف المرض، في أنها تودي بحياة المريضة. ونلفت إلى أن احتمالات الإصابة بهذا المرض تزداد في الفترة العمرية التي تراوح بين 30 و60 عاماً.
العامل الوراثي يؤدّي دوراً أكيداً في رفع احتمالات الإصابة بالمرض. كذلك يعدّ تأخر المرأة في الإنجاب إلى ما بعد سن الـ30 عاماً من العوامل المساهمة في زيادة احتمال الإصابة بسرطان الثدي، ويؤكد الأطباء أن الوزن الزائد وتعاطي المشروبات الكحولية بإفراط والتدخين هي من العوامل التي تضع صاحبتها في منطقة الخطر بشكل شبه أكيد.
تعتمد بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، المراقبة الدقيقة للإناث اللواتي يُعتبرن في منطقة الخطر الشديد لاحتمال الإصابة بسرطان الثدي، أكان هذا الخطر عائداً لأسباب جينية وراثية أم لأسباب أخرى تتعلق بأسلوب الحياة أو نوعية الغذاء أو غيرها، وتتم هذه المتابعة الدقيقة عبر إجراء الفحوص السريرية لهنّ كل 6 أشهر منذ بلوغهن سن العشرين، كما يجري إخضاعهن لفحص الـ Mamographie سنوياً عند بلوغهن الثلاثين من العمر.
إن «سرطان الثدي» الذي يصيب عضواً دقيقاً وحساساً لدى المرأة، قد يصيب الرجال أيضاً، وإن كانت نسبة الإصابة بين الذكور لا تتخطى الـ 1%، ويمكن القول إن الخطورة في هذه الحالة تكمن في التشخيص الذي يجري في مراحل متأخرة جداً من الإصابة، وذلك بسبب الاعتقاد الخاطئ بأن سرطان الثدي يضرب النساء فقط، وهذا الاعتقاد الخاطئ منتشر على مستوى العالم كله وليس فقط في بلادنا.
من الضروري أخيراً التذكير بأن هناك فحصاً تستطيع السيدة القيام به بنفسها في المنزل كل شهر تقريباً، وهو بسيط جداً، ويتضمن طريقة محدّدة وغير مؤلمة في تلمّس مناطق معيّنة في الثدي ومحيطه، ويمكن أن تتعلّمه أيّ سيدة من طبيبها أو حتى من الصيدلي الذي تتعامل
معه.