خالد صاغيةارتفعت فجأة وتيرة الكلام عن تسليح الجيش اللبناني. ترافق الكلام مع زيارات لمسؤولين أميركيّين، ومع ازدياد التحذيرات من الإرهاب. هذا الإرهاب الذي لا مكان له عادة، تُلصَق تهمته في لبنان بالشمال وبالمخيّمات الفلسطينيّة. وكان رئيس الجمهوريّة الحالي، وقائد الجيش السابق، قد طالب خلال زيارته الولايات المتحدة الأميركية بتسليح الجيش اللبناني لمقاومة الإرهاب. فعل ذلك بعدما قاد معركة «القضاء على» فتح الإسلام في مخيّم نهر البارد. وقبل ذلك، كان رئيس جمهورية سابق، وقائد أسبق للجيش، قد امتدح نفسه مدّة طويلة، وخصوصاً بعد هجمات الحادي عشر من أيلول، لمحاربته «الإرهاب» في الضنيّة.
حتّى اللحظة، ما نعرفه هو أنّ أفراد مجموعة الضنية قد خرجوا بعفو خاص، وهو عفو يُستبعد أن يمنَح لإرهابيّين، وأنّ فتح الإسلام لم يُقضَ عليها في نهر البارد، لكنّ ما قضي عليه هو المخيّم نفسه. لكن، لا بأس. فقد خدم «الإرهاب» آنذاك مصالح وطموحات سياسيّة وفرديّة.
اليوم أيضاً، لا ندري ما إن كان الإرهابيّون موجودين أم لا، لكنّنا نشهد التقاء مصالح يحتّم على الجميع التصرّف وكأنّهم موجودون.
فهناك بين اللبنانيين من لم يكتفِ بتدمير مخيّم نهر البارد، وما زالت شهيّته العنصريّة تائقة لتدمير مخيّم آخر. ولا بأس من استخدام الإرهاب ذريعة لفعل ذلك.
هناك أيضاً الجيش اللبناني الذي حاصرته الانقسامات السياسيّة والطائفيّة الحادّة، فلم يتمكّن من منع حصول أحداث أيار، ولا من إنهاء الاشتباكات في طرابلس. فلا بأس من معركة مع «الإرهابيين» تعيد التفاف اللبنانيّين حوله لإعادة تتويجه بالغار. أضف إلى ذلك أنّ الإرهاب وحده قادر على فك الحصار الإسرائيلي على تسليحه.
السوريّون الخائفون من «القاعدة» بعدما ضاق العراق على أفرادها، يحشدون جيشهم على الحدود مع لبنان، ويتحدّثون عن خطر قادم من شماله. يتحيّنون الفرصة للتدخّل مجدّداً في شؤون الجار الصغير، وربّما للدخول إليه. وكلّما ازداد خطر الإرهاب، ارتفعت حظوظهم.
الأميركيّون الخائفون من بؤر إرهابيّة، يتلقّون تقارير عن تنظيم مجموعات داخل لبنان. وهم، في الوقت نفسه، يشهدون تعثّر مشروعهم في الشرق الأوسط، ويستعدّون لحوار مع سوريا. أيّ بند أكثر جاذبيّة للحوار، من مكافحة الإرهاب؟