بيار أبي صعبهناك خطر داهم يحدق بأمة العرب وبالمسلمين عامة، وأنتم غافلون. ألم تلاحظوا أن إبليس في كلّ مكان؟ لماذا كثّف حضوره في هذه المرحلة، وفي هذه المنطقة بالذات؟ ترى ما الذي دهاه حتّى راح يؤرجح ذنبه الأحمر وهو يتراقص حولنا كالشيطان، ملوّحاً من بعيد بشوكته الفظيعة؟
بالأمس فقط حلّ الشيخ محمد الهبدان ضيفاً على قناة «المجد». وما كان من الرجل الفاضل، الذي يتمتّع بنفوذ لدى أوساط علماء الدين السعوديين، إلا أن نصح النساء بارتداء النقاب الشامل الذي لا يظهر سوى عين واحدة. طيّب، عين واحدة «أحسن من بلاش»، لكن لماذا؟ ببساطة لأن «إظهار المرأة لعينيها الاثنتين قد يشجّعها على تزيينهما، ما قد يكون مثاراً... للغواية». والغواية من الشيطان كما نعرف وتعرفون. من السعوديّة أيضاً، قبل أسبوعين، طالعنا رئيس مجلس القضاء الأعلى، الشيخ صالح اللحيدان بفتوى دعا فيها إلى قتل أصحاب القنوات الفضائية التي تبث برامج «تحثّ على الفتنة والفساد والسحر والشعوذة». ثم عاد ليطمئننا إلى أن «تدبيراً من هذا النوع يكون عبر القضاء»، فتنفسنا الصعداء. لنجرّ إبليس إلى قفص الاتهام، ثم نرَ. هذا موقف حضاري يأخذ بعين الاعتبار «روح القوانين».
أما الفتوى الأبرز خلال الأيام الماضية، فتلك التي أطلقها الشيخ محمد المنجد. طالبَ الداعية السعودي المرموق بقتل «ميكي ماوس» شخصيّاً. ميكي؟ بطل والت ديزني المعروف؟ لعلّه يقصد القتل الفلسفي لرمز صارخ من رموز الاستعمار الأميركي؟ لكن لا، أوضح الشيخ أن ميكي من فئة الفئران، والمعروف أن الفئران من جنود إبليس (كاتب هذه السطور في الحقيقة لم يكن يعرف). وما أثار حنق الرجل تحديداً، أن الرسوم المتحرّكة حوّلت ذلك المخلوق القميء شخصيّةً محبوبةً لدى الأطفال... تصوّروا أن يستحوذ إبليس على عقول أطفالنا!
تلك الأخبار كان لها أن تصنّف في خانة النوادر، لولا أنّها صادرة عن رموز مؤثرة في دولة مهمّة، هي المملكة السعوديّة. بلد كلبنان، مثلاً، يدين لها بالكثير على مستوى «استقراره» المالي والسياسي. دولة هي حجر الزاوية في بناء الشرق الأوسط الجديد، ورافعة لواء «الاعتدال» العربي. من يقول لنا إذاً ما هو التطرّف؟