علي السوداني *مِثال جمال حسين أحمد الآلوسي، هو سياسي عراقي ومؤسّس حزب «الأمة العراقية» كما معرَّف ومحتفى به في موسوعة «ويكيبيديا» العالمية. ارتفعت أخيراً بورصة اسمه في جرائد وتلفزيونات ووسائل نشر ودعاية إلكترونية، بلدية وإفرنجية، بسبب من تثنيته زيارة إسرائيل. مِثال يظهر هذه الأيام في صورة فائتة ملفّعة بسواد شاسع، واقفاً بمعطف أسود طويل أمام جثتي نجليه الوحيدين. الجثتان ملفوفتان بنايلون أسود سميك، والمشهد فيه من ثقل العاطفة ما يكسر الظهر ويذيب الشحم ويوهن العظم ويشعل الرأس. قفز مِثال هذا الأسبوع على شاشة فضائية مشهورة، وأصرّ وعاند في تبرير فعل منكر وتسويقه، حيث إسرائيل ما زالت دولة غازية لأرض فلسطين، ومشتتة لشعب فلسطين، وغير موافقة حتى على منح الفلسطينيين دولة لا تتعدى مساحتها ربع أرض فلسطين التاريخية. قال مِثال إنه ذهب إلى إسرائيل لنصرة قضية العراق، وإنّ النظام العربي كله يتعامل مع الدولة اليهودية، سراً وعلانية، فصار الرجل كمن عيّرته زوجته بسرقة مال الأيتام فأجابها بأن الناس كلهم يسرقون.
زاد أن إسرائيل ليست عدوّة، بل العدو الحقيقي هو إيران، لأننا نعيش معها بحدود برية ونهرية طويلة ولا حدود نتشارك بها مع إسرائيل. وهذا قول أعرج أخرق، ينام على تدليس وخلط ومعمعة. إذ إن إسرائيل كانت قصفت مفاعل «تموز» العراقي ودمرته في مفتتح ثمانينيات القرن البائد، وفي ذلك القصف ربما حرمت بلاد الرافدين من فرصة الحصول على سلاح نووي يجعل أميركا تحبنا وتحترمنا وتخشانا وتصادقنا، كما هي الحال مع كوريا الشمالية مثلاً.
حكى مِثال عن وزراء ومدراء وأعضاء برلمان، قتلة وحرامية وكذبة ومعقّدين، منهم من يلبس محبساً لقنص النساء ومحبساً ضد الطلقات، والنهب والسلب سارٍ حتى اللحظة. كلام حلو يجب أن تقام عليه مئة محكمة وقفص لاسترداد مال الرعية ودمها وكرامتها. أيضاً قرأ مِثال اسمه حتى الجدّ الخامس، معيداً أصله ونسبه إلى آل البيت، وتحدّى الآخرين أن يصنعوا مثله.
«خوش كلام» يحتاج إلى تدقيق في الأصول والفصول وشهادة الجنسية والجواز، وأيضاً شهادات الدكتوراه ومنابتها. قال إنّ جمعاً من وجوه السياسة والبلد قد تقدّموا وتوسّلوا لزيارة إسرائيل، لكن الدولة العبرية رفضتهم.
«خوش حكي يا زكي»، ولتكن فضيحة تسحل خلفها «كوشر» فضائح. زاد أن المرجعية الدينية لا تتدخل في السياسة لأنها أنبل وأسمى منها. مو خوش كلام، لأنني قرأت وسمعت وشاهدت أزيد من قول لعمامة مشهورة، قالت إنّ محاولة فصل المرجعية عن السياسة إنّما هي مؤامرة خبيثة. في زمن هيئته سيئة الصيت والسمعة والنية، قُطعت أعناق وأرزاق ناس أبرياء، وبسبب من التثقيف الأسود في هذا الباب، مات رسام ومطرب وشاعر وطبيبة وضابط وعالمة ومهندس جريمتهم هي «البعثية»، حتى وإن كانوا «مؤيدين» أو حاملين كلاشنيكوف تحت برد رأس الشارع.
وإذا كانت الهيئة بالهيئة تذكر، فعلى مِثال أن ينادي من صبحية الغد بتأليف هيئة لاجتثاث الأحزاب والتنظيمات والتيارات القائمة الآن، بعدما أوصلت البلد إلى منزلة ثالث أفسد دولة فوق الأرض.
مِثال يريد حلفاً عراقياً ـــ إسرائيلياً ـــ تركياً بمواجهة «الجراد الإيراني». أبداً مو خوش فكرة، ليس لأن إيران حمل وديع، بل لأن على الشاطر أن لا يسلّم القط شحمة. كلام زينه يتوحّل بشينه. والجرأة هنا ليست بميزة جميلة، لأن ثمة واحداً بمقدوره أن يخرج إلى الشارع عارياً لتقول عنه الناس إنه رجل جريء وشجاع. وبلدي من وراء قصدي.
* كاتب عراقي