رامي زريقأربعون حالة تسمم في بلدة جنوبية واحدة وأكثر من مئة حالة في عكار، بينها طفل قضى نتيجة تناوله قطعة حلوى. من المسؤول عمّا حدث؟ لا شك في أن الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على أكتاف من أهمل المبادئ الأساسية للنظافة الغذائية خلال عملية إنتاج، ونقل أي مكوّن من مكوّنات الغذاء المسموم وتصنيعه. هذا أمر بديهي، وسوف ننتظر نتائج التحقيق قبل اتهام هذا أو ذاك، ولكن يبقى السؤال الملحّ: هل سيكون هناك تحقيق؟ ومن سيقوم به وكيف؟
فدولة القضاء والقدر تفتقد إلى الحدّ الأدنى من القدرات التقنية والبشرية للقيام بواجبها في هذا المجال (كما في مجالات عديدة أخرى). إذ لا خطة لمراقبة تطبيق المعايير الأساسية للنظافة الغذائية، ولا تدريب للعناصر المناط بهم مسؤولية المراقبة، هذا إن وجدوا... ولا مختبرات منتشرة في المناطق تستطيع أن تحلل العيّنات وتعطي نتائج موثوقاً بها. على كل حال، فإن الطريقة الوحيدة لتجنب هذا النوع من الكوارث هو الاستعداد لها ومنع وقوعها، وليس فقط معاقبة الفاعل بعد الحدث.
ولكن لا تزال المسؤوليات غامضة في هذه الحالات: فهل هي مسؤولية وزارة السياحة التي تراقب المطاعم؟ أم هي مسؤولية وزارة الصحة في المطابخ؟ أم مسؤولية وزارة الزراعة في مراقبة إنتاج الغذاء؟ أم مسؤولية وزارة النقل في رقابة نقل الأغذية؟ أم هي مسؤولية وزارة الاقتصاد والتجارة، وبالأخص دائرة حماية المستهلك فيها التي لا تستطيع القيام بمهماتها أو حتى بحماية موظفيها لقلة عددهم وشح الإمكانات المتاحة لهم؟
علينا التحرك بسرعة لتغيير هذا الواقع، فأبواب الاستيراد مشرعة لنفايات الأغذية، والصحف تتحدث عن أطنان من الحليب سُحبت من الأسواق الصينية لشدة سميتها، ومن المحتمل، بحسب قانون القضاء والقدر، أن تجد طريقها إلى لبنان..