بالقرب من شاطئ البحر في مدينة غزة، ومخيم اللاجئين الذي يقيم فيه رئيس الوزراء الفلسطيني السابق إسماعيل هنية، يقع متحف الآثار الوحيد في القطاع الفقير، الذي تحاصره إسرائيل ولا تسمح إلا بدخول الضروريات الأساسية إليه. والمتحف هو مشروع فردي لرجل الأعمال الفلسطيني جودت الخضري، الذي يهوى جمع التحف والآثار، والذي يسعى إلى تعريف سكان غزة بتاريخهم. وتشير تقديرات الخضري إلى أن زهاء 200 زائر قد تردّدوا على المتحف يومياً منذ افتتاحه. ويضمّ المتحف مجموعة صغيرة من القطع الأثرية التي تعود تاريخياً إلى العصر البرونزي المبكر، وتراوح تواريخ صناعتها بين 4000 و5000 عام قبل الميلاد حتى الفترة البيزنطية فالإسلامية.
تُعرض القطع في قاعة المتحف المبنية من حجارة كانت لمنازل قديمة، ومن أخشاب كانت لسكك حديدية عتيقة: فهنا فخّاريات العصر البرونزي، وهناك أعمدة وتيجان من الفترة البيزنطية وقراميد عليها نقوش تشير بوضوح إلى انتمائها للتراث الفني الإسلامي.
يتوافق وجود متحف للآثار في غزة مع التاريخ الثري لهذا القطاع الساحلي الضيق، الذي يقع على مفترق طرق التجارة القديمة بين الشرق والغرب، والذي كثيراً ما كان ميناءً استراتيجياً له أهمية كبيرة، لدرجة أنه سجّل على خريطة للعالم مرسومة على أرضية من الفسيفساء من القرن السادس عشر مودعة في مدينة مأدبا الأردنية.
وتجدر الإشارة إلى أن وضع المواقع الأثرية في غزة صعب جداً، فهي تتعرض للسرقات بصورة شبه دائمة، وخاصة أن قانون الآثار في إسرائيل يسمح بشرائها. ويبقى الخوف الآن من أن يمثل افتتاح هذا المتحف الخاص دافعاً إضافياً للسّرقات..