حلا ماضيكنت قد قطعت عهداً على نفسي بألّا أستقل سيارة الأجرة في تنقلاتي، نظراً لطول الطرق والزواريب التي يسلكها السائقون للوصول إلى الهدف الرئيس للراكب. ولكن الرياح جرت بعكس آمالي، واضطرت إلى التنقل في السرفيس بسبب «ارتكابي مخالفة قانونية» حين «ضبطني» شرطي وأنا أهمّ بحمل جهازي الخلوي داخل سيارتي. على كل لاحظ سائق السرفيس أني متضايقة ومنزعجة نوعاً ما، فقال لي «ولِك صحتك بالدني، ماذا يستطيع أن يفعل رجال الأمن، هذا جزء من عملهم، يُقال إن وزيرهم فهمان وسبع ولا يخاف من أحد»، ولكن السائق استتبع تلك الكلمات بضحكة اخترقت الدخان الكثيف داخل السيارة وحرّكت سيجارته بين شفتيه، ليقول «بس هو اسمو الحقيقي الوزير بارود وليس حسن (نسبة للوزير السابق حسن السبع) بس والله يمكن يكون أقوى من السبع».... قلت له «أعرف، أعرف»... في محاولة لإنهاء النقاش بشأن الوزير الجديد، لكن السائق الستيني لم يكن قد أنهى الكلام، أردف قائلاً وهو ينظر إلى عنوان جريدة «الأخبار» التي كنت أحملها، المانشيت كان «خمسة أهداف سورية تشغل أهل عكار» في إشارة إلى الوجود العسكري السوري على الحدود بين البلدين. نظر إليّ السائق وقال «بما أنك تحملين جريدة وأوراقاً، يبدو أنك بتفهمي، أريد أن أطرح عليك سؤالاً». وأتاني بالسؤال التالي: «لمَ كل هذه الضجة عن الوجود العسكري السوري على الحدود، إنهم يريدون فتح سفارة لسوريا في لبنان، لازم المير طلال الآدمي يهتم شوي بالرياضة بلبنان». لم أفهم العلاقة بين الرياضة والوجود العسكري، فرد السائق «اعتقدت إنك بتفهمي... ألا تقرئين ما كتبته الجريدة، خسرت عكار الماتش والسوريون سجّلوا خمسة أهداف... شو كانوا عم يعملوا اللعيبة اللبنانيين».