طرابلس ــ عبد الكافي الصمدكشف التقرير الذي أصدرته وزارة الصحة نهاية الأسبوع الماضي، بخصوص وفاة طفل وتعرّض مواطنين في عكار وطرابلس لحالات تسمم نتيجة تناولهم حلويات منتهية الصلاحية، عن جوانب من الفلتان، في ما يتعلق بالأمن الغذائي، السائد في مناطق الأطراف الريفية والأحياء الشعبية، لناحية تصنيع بعض المأكولات الغذائية، وعدم وجود رقابة يمكن أن تمنع وقوع مآس من هذا النوع، على الرغم من أن إعلان الدولة عن ختمها المعمل المسؤول عن التسمّم بالشمع الأحمر، لكونه أصلاً غير مرخّص، أثار ارتياحاً بين المواطنين.
إلا أن مصادر في مصلحة الصحة في الشمال، فضّلت عدم ذكر اسمها، أوضحت لـ«الأخبار» أنّ «للمصنع فرعاً ثانياً في محلّة باب التبّانة، ويعمل فيه ثلاثة موزعين: اثنان في عكار وثالث في طرابلس، وأن المعلومات الأوّلية تشير إلى أن خلطة المواد المستخدمة في صناعة الحلوى المذكورة، هي السبب في انتشار حالات التسمم، وخصوصاً أن البيض المستخدم في الخلطة كان فاسداً، وهو الذي أدى إلى انتشار جرثومة السلمونيلا، وفق 57 فحصاً مخبرياً أجريت في مستشفيات عدة في طرابلس وعكار».
وتطابق هذا الكلام مع ما أوضحه مصدر أمني متابع للقضية لـ«الأخبار»، من أن «صاحب المعمل اشترى من السوق علباً فاسدة ومنتهية الصلاحية من البيض بسعر 500 ليرة للعلبة، مع أن سعرها الحقيقي هو بحدود 5000 ليرة إذا كانت صالحة، ووزّع بضاعته في مناطق فقيرة ونائية ظنّاً منه أنه بعيد عن المراقبة. إلا أن تسمم المواطنين بهذه الأعداد، ووضع السلطات يدها عليها، جعل القضية تنتهي بإقفال المعمل وإيقاف صاحبه وأحد الموزعين».
إلا أن المصدر لم يفصح عن فحوى ومصير التحقيقات التي أجريت مع الموقوفين، ولا عن وجود إجراءات اتّخذت بحقّ من باع البيض الفاسد لصاحب المعمل، وخصوصاً أنه كان يعي المخاطر التي قد تتولّد من استخدامه، مكتفياً بالقول إن القضية «محل اهتمام الجهات المعنية ومتابعتها». ومع أن مصادر مصلحة الصحة والمصدر الأمني أكدوا «وجود مصانع عدة مماثلة في طرابلس لا تتوافر فيها الشروط الصحية المطلوبة»، فإنهم لم يوضحوا ما إذا كان هناك من إجراءات عملية لمنع تكرار حالات التسمم ثانية، ووضع حد للتسيّب في هذا المجال.
وكان التقرير قد قال إن ما وزّع كان 89 علبة «إكلير»، تحتوي كل منها على 24 أو 26 قطعة، لكن لم يذكر على العلبة اسم المصنع ولا تاريخ الإنتاج ولا مدة الصلاحية ولا كيفية الحفظ، قد وزع 50 منها في قرى عكار، و39 في أحياء طرابلس، بواسطة سيارة أو دراجة نارية غير مجهّزة ببراد لحفظها، وأنه ما يزال منتظراً نتائج مختبر الأبحاث العلمية الزراعية المتعلقة ببقايا الكاتو التي تم جمعها من بلدتي كفرتون (جبل أكروم) والسنديانة، ومكوّنات الكاتو التي جمعت من المصنع ومحل بيع البيض، ونتائج مختبر مستشفى رفيق الحريري الجامعي المتعلقة بالمياه التي وجدت في المصنع، إضافة إلى عيّنات لجرثومة السلمونيلا (السلالات) الخاصة بالمرضى والتي تمّ جمعها من مختبرات مستشفيات محافظة الشمال.


129حالة تسمم

أفاد التقرير أن الوزارة تبلّغت من المستشفيات عن 129 حالة تسمم (112 في عكار و17 في طرابلس)، فضلاً عن حالات أخرى عولجت في البيوت. بدأت الحالات بالظهور في 29 أيلول الماضي، واستمرت حتى 3 تشرين الأول الجاري، بعد تناول حلوى «إكلير»، و«بلغت الذروة في 30 أيلول وفي 1 تشرين الأول»، أي في نهاية رمضان، في اليومين الأول والثاني من عيد الفطر. وأوضح التقرير أن الطفل المتوفى والمصابين تناولوا الحلوى من محالّ مختلفة، إلا أن مصدرها كان واحداً، وهو «مصنع للكاتو موجود في محلة القبة بطرابلس، غير مرخّص ولا تتوافر فيه الشروط الصحية، ولا يحمل العاملون فيه شهادات صحية، وقد أغلقت القوى الأمنية المصنع بالشمع الأحمر».