شارة جزّار«يجب أن نعترف بأنّ نظرتنا إلى الحوار مبسّطة»، جملة قالها السيد هاني فحص شخّصت الانطباع الذي يخرج به من يحضر مؤتمرات الحوار بين الأديان التي تعقد في لبنان، وما أكثرها. فبالأمس، عُقدت ندوة «الحوار بين الأديان في مجتمع متعدد» في دار الفتوى، تناولت التجربة الإندونيسية حيث تتجاور أديان كثيرة، والتجربة اللبنانية، مع مشاركين من كلا البلدين. لكن كيف يجري الحوار إذا كان هناك «منتدون» من جهة وجمهور متفرج من جهة أخرى؟ يفسّر الأمين العام للقمة الروحية الإسلاميّة المسيحيّة د. محمد السمّاك لـ«الأخبار» أنّ «الحوار هو بين المنتدين لا مع الجمهور» وأنّ «الجمهور للمراقبة والاستفادة»، منتقداً في الوقت نفسه «العمليات الفكرية النخبوية التي لا تصل إلى جذور المجتمع»!
الجمهور من جهته لم يكن متنوّعاً أو كبيراً. فهل اللبنانيّون لا يهتمون بالحوار، أم أنّ الموضوع أصبح ممجوجاً لكثرة تكراره ودورانه في الدوائر نفسها عند كلّ المناسبات؟ لا أحد يعلم، فالجمهور لم يكن هنا للإجابة. ولكن من حضر أجاب عن سبب حضوره. فقد عبر إخوانول كرام ماشوري، وهو رئيس تحرير جريدة «ريبوبليكا» الإندونيسيّة عن موافقته على فكرة أن الحوار كان يجب أن يكون بين كل الحضور «حول طاولة مستديرة»، وشدّد على أنّ «الشباب أساسه». أما اللبنانية نضال حسين، فقد علمت بانعقاد المؤتمر بالصدفة، لكونها تدرس في مدرسة «الأزهر ـــــ بيروت»، التابعة لدار الفتوى. وتصرّ نضال حسين على «ضرورة التوعية» من أجل التقارب بين الأديان، وترى أن ذلك من «مسؤوليّتي لأن الدين يدعو إلى ذلك». أمّا سامية أمور، المسلمة الكنديّة، فحضرت تلبيةً لدعوة صديقتها اللبنانية، لكونها تعمل على تفعيل الحوار بين الأديان في ديارها، وترغب في «الاستفادة من التقنيات» المختبرة في إندونيسيا ولبنان.
ولكن كيف يكون الشباب أساس الحوار إذا كانت المؤتمرات التي تُعقد تنحصر برجال دين يريدون «إيصال الرسالة إلى الأتباع»؟ يحاول ثيودوروس ساتريو نوغروهو من وزارة الخارجية الإندونيسيّة أن يقنعنا بنظريته. فلبنان، كما إندونيسيا مجتمعان بطريركيان لا فائدة إلا بإعطاء العلماء «التعليمات» للناس. فهل هذا صحيح؟ ليست الإجابة بهذه السهولة.