حلا ماضي«لكل فرد حديقته الخاصة... ومنذ ولادتنا تتوالى الأوهام في مخيلتنا لتدفعنا بشكل غير مباشر إلى إدراك الحقيقة بطريقة عقلانية، ولتعطينا أيضاً الأمل بالتغيير والسحر، وبالتالي تدفعنا للإبداع ولتحويل العالم، وهذا الأمر ضروري للمتحابين في سبيل تطوير العلاقة وتفعيلها». هكذا يشرح المحلل النفسي بيار ليفي، مفهوم الشفافية في العلاقة الحميمة بين شخصين التي إذا اتخذت كإثبات للحب منذ البداية، تستطيع مع مرور الوقت إذا بقيت «اللغة الوحيدة» للحميمية، إنهاك تلك العلاقة. وسيكون حب السيطرة من أولى علامات إضعاف الرغبة وغموضها بين الطرفين.
وقد خصصت مجلة «psychologies» الفرنسية ملفاً للشفافية في الحب، تصدر ليفي الكتابة فيه، فخلال السنتين الأوليَين من العلاقة بين شريكين، يكون كل شيء واضحاً، فهما يتشاطران ويتحدثان عن كل شيء، فتمثل الشفافية «الحب النقي». بعد أربع سنوات ظل الحب قوياً بين آنياس وسيمون، ولكنهما لم يعودا واحداً، وتشير آنياس «حالياً نحن لا نقول لبعضنا كل شيء، فشريكي يعرف بوجود صديقات أبوح لهنّ بأموري، فأنا لم أتحدث معه بهذا الشأن، وهو أيضاً يلجأ إلى أصدقائه ليخفف ضغوطاته و«يختبئ وراءهم». أصحبنا لا نعيش الواحد للآخر كما كنا، بل الواحد مع الآخر».
كثيرون هم العشاق الذين يتخيلون أن الكلام عن كل شيء من شأنه المحافظة على «الروح الصافية للحب»، لكنهم بذلك يدخلون في مرحلة الوهم المشترك، وفق المعالج الجنسي والنفسي آلان هريل الذي يذكّر «بأن بعض الأحبّاء» يتخيلون علاقتهم بمثابة «منطقة آمنة» في محيط يرى أن ما هو «ذاتي» يجب أن يقال ويظهر».
يذهب البعض إلى حد تقديم الذات بعيدة عن أية أخطاء. ولكن المعالج النفسي باتريك إستراد يلفت إلى ضرورة عدم المزج بين الشفافية الشخصية وما تخزنه منطقة اللاوعي أو «الأفكار العارضة».
في منطقة «الظل» المشوّشة الحدود، هناك تُكتم الأسرار، وخاصة تلك المتعلقة بالأمور الجنسية، حيث تكون الأسرار لذيذة الاستعمال، وتبدأ بالتخيّل. ويشير آلان هريل إلى وجود نوعين من التخيّلات: قسم ينتمي إلى الحوار الجنسي بين الشريكين، وجزء يظهر من داخلنا بحيث لا نرى إلا الـ«نحن». ويروي هريل حالة إحدى مريضاته التي تذهب بها مخيّلتها إلى الرغبة في ممارسة الجنس بشكل مبتذل مع أحد أصدقاء زوجها. ففي هذه الحالة أصبح الاعتراف أو البوح بما تكنّه خطراً يهدد علاقتها الزوجية، أي إن ما يُعدّ بالنسبة إليها محرّكاً للشهوة سيكون مدمراً لزوجها. وفي سياق الكلام عن «الغموض» كمحرّك للشهوة الجنسية، فإن مغامرة جنسية خارج إطار الزواج أو الشراكة بين شخصين لا بد أن يمثّل تهديداً للثنائي.


اعترافات خطيرة

ينصح المحللون المشاركون في الملف بعدم الاعتراف بأية مغامرة جنسية قد تهدد استمرارية العلاقة مع الحبيب (!)، ولكنهم يدعون في الوقت عينه إلى تكريس «الشبق» الذي تحركه المخيلة لإسعاد الشريك


بين الكذب والترفع

«احترام الآخر» هي الحدود الوحيدة لحدائقنا الخاصة. وإذا كانت الأكاذيب ستدمر العلاقة حتماً، فإن الكثير من الشفافية والمبالغة بالترفّع غالباً ما يضر ويؤذي تلك العلاقة، ولكن الصدق أفضل من الكذب دائماً