بسام القنطارهل يمكن توصيات ورشة العمل الإقليمية بشأن المفاوضات المناخية التي اختُتمت في بيروت أمس، أن تلقى صدى لدى الحكومات العربية؟ «التحالف العربي حول تغيّر المناخ» يطمح إلى ذلك وسريعاً، وخصوصاً أنه لا يوجد موقف موحّد للعالم العربي بشأن هذه المفاوضات، التي تجري حالياً في أروقة الأمم المتحدة. وتقف الدول العربية المنتجة للنفط والغاز موقفاً متشدداً من هذه المفاوضات، وخصوصاً لجهة الالتزام بالتحول من الطاقة النفطية إلى الطاقة البديلة. وهو الخيار الوحيد الباقي لخفض نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبّب الاحتباس الحراري.
ومن عيوب الورشة، التي جمعت 70 مشاركاً عربياً، ضعف التمثيل الحكومي الرسمي الذي اقتصر على موظفين لا يحق لهم التصريح. على غرار ما فهمنا من يوسف نداف الموظف في وزارة البيئة اللبنانية، الذي امتنع عن التصريح رغم أنه المتابع الرسمي اللبناني الوحيد للمفاوضات الجارية في الأمم المتحدة.
ويرى المدير التنفيذي لرابطة الناشطين المستقلين (إندي آكت) وائل حميدان «أن للورشة دوراً مهماً في إثارة النقاش بشأن موضوع غائب عن السياسات العربية». وسيجري توثيق مقررات الورشة، بغية إنتاج تقرير يقدم إلى جامعة الدول العربية، وخصوصاً أن قضية تغيّر المناخ مدرجة على جدول أعمال القمة العربية الاستثنائية المقرر انعقادها في كانون الثاني المقبل في الكويت. الباحث في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، نديم فرج الله، طالب «الدول المصدّرة للنفط تحمل حصة أكبر من المسؤولية». موقف فرج الله خرج بصيغة توصية وافق عليها المشاركون «بتحميل الدول العربية النفطية جزء من المسؤولية التاريخية في تغير المناخ».
وكان المشاركون قد انتظموا على يومين في مجموعات عمل، ناقشت الرؤية المشتركة وتخفيف الانبعاثات الضارة وإيجاد وسائط التطوير النظيف والتزامات الدول العربية. كما مثّلت الورشة منبراً لأحزاب سياسية للتعبير عن موقفها. وكان لافتاً تطابق مواقف ممثلة التيار الوطني الحر جورجيت حداد وممثل الحزب التقدمي الاشتراكي كمال خير بشأن الموضوع، رغم الاختلاف السياسي العميق بين الحزبين.
لكن اللافت أن معظم المشاركين ورغم تمثيلهم للجهات التي ينتمون إليها، فهم عبّروا عن مواقف شخصية لا تلزم مؤسساتهم. هذا ما فعله ممثل «مركز الخليج للأبحاث» الذي لا يتوقع منه القدرة على تسويق التوصيات التي وافق عليها، داخل مركزه المموّل من الدول النفطية. الجدير ذكره أن اللقاءات التفاوضية العالمية بشأن ظاهرة تغير المناخ بدأت عام 1990. بعد ذلك عقدت قمة الأرض الأولى في ريو دي جانيرو عام 1992، لكن مقرّراتها لم تكن ملزمة للدول الموقّعة. وفي قمة كيوتو 1997، التزمت الدول الموقّعة خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وخمسة غازات أخرى مسبّبة للاحتباس الحراري. وتنتهي مدة هذا الالتزام في 31 كانون الأول 2012، ومنذ كانون الأول 2007، بدأت مفاوضات في الأمم المتحدة لصياغة معاهدة مناخية جديدة تحل محل بروتوكول كيوتو. ومن المفترض أن يكتمل نص المعاهدة بحلول كانون الأول 2009، وذلك في مؤتمر يعقد في كوبنهاغن ـ الدنمارك.