ليال حدادعندما تطأ قدَمَا الطالب البوابة الرئيسية للجامعة الأميركية في بيروت، يفترض عليه احترام بعض القواعد غير المكتوبة، لكن المتعارف عليها بين الطلاب عبر السنوات، دون الحاجة إلى مناقشتها.
من بين هذه القواعد، اللغة المحكية في الجامعة. صحيح أن أغلب الطلاب هم من اللبنانيين، إلا أن قلّة قليلة منهم تتحدّث اللغة العربية وهو ما يشكّل حاجزاً أمام بعض طلاب السنة الأولى الذين يجدون صعوبة بالاندماج في مجتمع الطلاب الذين تخطّوا سنتهم الأولى واجتازوا بنجاح اختبار «اللغة».
في باحة الجامعة، تكثر العبارات الإنكليزية في الدعوة إلى الغداء أو الاحتجاج على غياب أحد الأساتذة من دون تبليغ مسبق، و«تزمط» بعض الكلمات العربية الضرورية للتعبير ولا سيّما الشتائم اللبنانية التي يصعب استبدالها في اللغات الأخرى.
«إنو شو أحسن نقول بدي فلّ أو i have to go؟» تسأل رنا وهي طالبة في السنة الأولى، ولا تزال تجهل حتى الساعة سبب هذا «الانفصام» بشخصية الطلاب داخل أسوار الجامعة وخارجها. تستشهد رنا بإحدى زميلاتها في المدرسة، التي ما إن دخلت الجامعة حتى نسيت العربية «لا تكلمني سوى بالإنكليزية في الجامعة، وما إن نخرج حتى تعود إلى اللغة العربية».
إلا أن لهذا الانفصام سبباً برأي رفيقة رنا وشريكتها في «المعاناة اللغوية»، ماري، والسبب بحسب تحليلها هو ضرورات «البريستيج» المفترض أن يتمتّع بها طالب الجامعة الأميركية. لا تمانع ماري من استعمال بعض العبارات الأجنبية «ولكن في سياق التحدّث باللغة العربية». تدرك الفتاتان أن الأمر لا يستحق هذا التذمّر، إلا أن شعورهما «بالغربة» في أيامهما الأولى بالجامعة دفعهما إلى الاعتراض على هذا «التخلّف والتفشيخ»، كما تقولان.
يوافق طلاب آخرون في الجامعة على هذا الرأي، إلا أنّ «اللغة الإنكليزية أو حتى الفرنسية أصبحت من ضروريات حياتنا في الجامعة، فكل الدروس والكتب بالإنكليزية، وكل القرارات الصادرة عن الجامعة بهذه اللغة، كذلك فإننا نتعامل مع الموظفين والإدارة والدكاترة بالإنكليزية»، يقول فضل وهو طالب في السنة الثالثة. يروي فضل دعوته رفاقه إلى محاربة هذه الظاهرة دون النجاح في ذلك «خلص صارت جزءاً من حياة الطلاب».
واللافت أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الجامعة الأميركية، بل هي مشابهة لما يحصل في جامعات أخرى.