Strong>بدأت الشرطة اللبنانية التشدّد في تطبيق قانون السير منذ منتصف آب الفائت، من دون أن ينعكس ذلك على عدد القتلى الناجم عن حوادث السير. فلماذا لم تُؤتِ تدابير الشرطة ثمارها بعد؟سُجل وقوع 262 حادث سير خلال شهر أيلول في مختلف المحافظات اللبنانية، بعدما كان قد سجل وقوع 326 حادثاً خلال شهر آب، وهو رقم قياسي نسبة للأشهر السابقة منذ بداية 2008. فالمعدّل الشهري لحوادث السير منذ مطلع 2008 يبلغ 254. واللافت في الأرقام أن شهر آب كان قد سجل ارتفاعاً عن شهر تموز بنسبة 13 حادثاً.
إن الأشهر الصيفية تسجّل عادة ارتفاعاً في حوادث السيارات بسبب الموسم السياحي، لكن يبدو أن الجهود التي بذلتها وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي لخفض حوادث السير لم تؤدِّ الى بروز إشارات جدية على المعالجة الفعّالة. وزير الداخلية والبلديات زياد بارود كان قد طلب إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي القيام بحملة توعية إعلامية واسعة بشأن التشدد في تطبيق أحكام قانون السير وقمع المخالفات في 11 آب الماضي، كذلك طلب بارود يومها «البدء فوراً بالتشدّد في قمع مخالفات تجاوز حدود السرعة المحدّدة على الطرق العامة»، ولفت نظر المواطنين وإرشادهم إلى ضرورة استعمال الحزام لسلامتهم. كذلك أمر الوزير بتعزيز الدوريات على الطرق الرئيسية باستمرار وعلى مدار ساعات الليل، وكلّف المديرية العامة لقوى الأمن رفع تقرير أسبوعي إليه بنتائج تطبيق التوجيهات الصادرة عنه بهذا الخصوص.
لكن رغم ذلك، ارتفع عدد قتلى شهر آب إلى 47، بعدما كان شهر تموز قد سجل مقتل 34 شخصاً. كما أن 47 شخصاً قتلوا أيضاً في حوادث سير خلال شهر أيلول. يذكر أن هذا الرقم يزيد عن المعدّل الشهري للقتلى منذ مطلع 2008 بنسبة 14 قتيلاً. أما في ما يخصّ عدد الجرحى فانخفض خلال شهر أيلول إلى 383 بعدما كان قد سجل 501 إصابة خلال شهر آب. ولم تعرف مدى خطورة الإصابات. هذا وكان قد برز في العام الماضي تفاوت واضح بين عدد القتلى جراء حوادث السير المسجل لدى قوى الأمن الداخلي، والعدد المسجل لدى جمعية يازا، وتبيّن لاحقاً أن قسماً من الجرحى المسجلين لدى قوى الأمن لقي حتفه لكن اقتصر تدوين المؤسسة الأمنية على طبيعة الإصابات لحظة وقوع الحادث. وهذا يعني أن مجموع القتلى المسجلين في سجلات قوى الأمن جراء حوادث السير منذ مطلع 2008، الذي بلغ 298 حتى نهاية أيلول، مرشّح للارتفاع لأن احتمال وفاة عدد من الأشخاص متأثرين بجروحهم محتمل.

3 عناصر للمعالجة

يؤكّد مسؤول رفيع في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن رجال الشرطة ينفذون الإجراءات التي قررتها المديرية بناءً على قرار وزير الداخلية والبلديات يوم 11 آب 2008. لكن، أضاف المسؤول، لا يزال حسن تطبيق قانون السير بحاجة إلى توافر 3 عناصر: العديد والتدريب والإمكانات التقنية. في الجانب الأول، تعمل المديرية على تطويع أفراد جدد سيوزّعون على جميع القطعات، وبينها مفارز السير، أما العنصر الثاني، فقد اتفقت وزارة الداخلية مع خبراء فرنسيين على تدريب أفراد شرطة السير اللبنانية ابتداءً من بداية العام المقبل، وذلك بعد زيارة لهؤلاء الخبراء إلى لبنان واستطلاعهم واقع تطبيق قانون السير، وفي ما يتعلّق بالإمكانات، فقد تبرّعت دولة الإمارات العربية المتحدة برادارات للسرعة هي من الأفضل في العالم، لكن هذه التقنية الحديثة يجري استخدامها بطريقة بدائية، إذ إنها مصمّمة لتكون مرتبطة بغرفة عمليات موحدة، وهو ما تصل تكلفته إلى نحو 1.5 مليون دولار. وأشار المسؤول إلى أن دولة الإمارات أبدت موافقتها المبدئية على تمويل مشروع الربط الإلكتروني للرادارات.
وفضلاً عما ذُكِر، رأى المصدر أن قوانين السير بحاجة إلى تعديلات جذرية، فضلاً عن آليات منح رخص القيادة، وتأهيل الطرقات وإشارات السير. يذكر أن أحد الخبراء الذين اطلعوا على إجراءات شرطة السير توقّع أن تبدأ النتائج بالظهور بعد 6 أشهر من بدء تنفيذ هذه الإجراءات.
(الأخبار)