خالد صاغيةأكّد رئيس الجمهورية ميشال سليمان، خلال زيارته للمملكة العربية السعودية، أنّ ما من مخيّم نهر بارد جديد. ويقصد رئيس الجمهورية الحالي، الذي كان قائداً للجيش الذي دمّر مخيّم نهر البارد، أنّ القوى العسكريّة اللبنانية لن تقوم بتدمير مخيّم جديد. موقف نبيل حقاً من الرئيس سليمان. فقد سبق أن استُفرِد مخيّم للّاجئين الفلسطينيين، ودُمّر تدميراً منهجيّاً، وسُلبت منازله وفُجِّر بعضها حتّى بعد انتهاء المعارك، من دون أن يعترض أحد، لا بل حقّقت المعركة مكاسب على أكثر من صعيد.
أوّلاً، ظهر وزير الدفاع إلياس المر آنذاك بمظهر الماريشال الذي يضرب بيد من حديد. فاكتشف لبنان موهبةً فذّة في شؤون الدفاع، ومُدّد للوزير المذكور في منصبه لدى تأليف الحكومة الجديدة.
ثانياً، التفّ اللبنانيون حول الجيش، ورفعوا له أقواس النصر، وانفرجت أساريرهم لدى انتخاب قائده رئيساً للجمهوريّة.
ثالثاً، تمكّن الجيش في بلد يدّعي الديموقراطية من جعل السلطة السياسية تابعة له، بدلاً من أن يتبع لها. فأعلنت الحكومة آنذاك أنّها تقف خلف الجيش. هو يقرّر متى يبدأ المعارك ومتى ينهيها.
رابعاً، نفّست العنصرية اللبنانية عن نفسها. كمّ هائل من الحقد والكراهية أطلقه اللبنانيّون، على مدى أشهر، ضدّ الشعب الفلسطيني.
أمام كلّ هذه المكاسب، بما فيها الانتصار المدوّي على مجموعة فتح الإسلام التي تمكّنت (أو مُكِّنت) قياداتها من الفرار، يتساءل المرء عن سبب الإحجام عن «نهر بارد» جديد؟ لمَ هذا التقاعس، ما دام تدمير المخيّمات الأخرى متاحاً؟ الجيش بحاجة إلى انتصارات جديدة. الشعب مرحِّب. العالم بعضه يتفرّج وبعضه الآخر يصفّق.
الجدير بالذكر أنّ «الانتقام» مستمرّ من أبناء نهر البارد الذين أُعيد تهجيرهم للمرّة الثانية. أمّا إعادة إعمار المخيّم، فضاعت بين جولات التسوّل التي يقوم بها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والمشاريع المعدّة لواجهة المخيّم البحريّة.
أمس، أمام وفد من الصحافيين الأوروبيين، أعلن السنيورة، بإصرار يُحسَد عليه، أنّه منذ إنشاء الحكومة التي ألّفها في عام 2005، وضع ضمن أولويّاته مسألة «تحسين مستوى الثقة بين اللبنانيين والفلسطينيين». لقد تجسّدت هذه الثقة في تدمير أحد المخيّمات، ربّما وجب توطيدها بتدمير مخيّم آخر.