طاريا ــ رامح حميـةتغيب فسحات الترفيه والنوادي الثقافيّة عن بلدة طاريّا البقاعية. هنا، في هذه البلدة، يصنع السكّان حياتهم على طريقتهم، للتعويض عن الغياب الفاضح للدولة. يحاولون قدر الإمكان اختراع وسائل الترفيه التي تسهم في تغيير النمط التقليدي الذي يعيشونه. وقد كان آخر «اختراع»، إن أمكن القول، نشاط «ألوان قريتي» الذي نظّمته حوالى 20 فتاة من جمعيّة كشّافة الإمام المهدي في البلدة. أمس، تحت زخّات مطر تشرين، اجتمعت فتيات الكشّافة في باحة البلدة، وتوزعن على تسعة أحياءٍ في بلدة طاريا، ورسمن أكثر من 15 جداريّة، تحت عنوان الطبيعة القرويّة والحفاظ على البيئة. وقد لاقت هذه الخطوة التي تنفّذها فتيات القرية استحساناً وإعجاباً من الأهالي، وتشير المشرفة على رسم الجداريات سمر حمية لـ«الأخبار» إلى أن «الأهالي فرحوا بالنشاط، ثمّ إنّ العمل جاء نتيجة مجهود الفتيات وإمكاناتهن الضئيلة والمحدودة». ومن الناحية الأخرى، تؤكّد حميّة «أنّ النشاط يهدف إلى اكتشاف المواهب الشابّة وتنميتها، إضافة إلى تحسين وتجميل شوارع وأحياء بلدتهن، وخصوصاً أنّ منطقتنا محرومة من وجود النوادي الثقافية والاجتماعية، رغم الزخر والوفرة بالطاقات والمواهب، وذلك ما يسهم كثيراً في طمس هذه المواهب الناشئة وإهمالها». لن تكون هذه الخطوة التي بدأتها الفتيات، أمس، هي الأخيرة، فقد أكّدت حميّة «أن رسم الجداريات هو بداية المشوار الذي بدأناه، ويتضمّن مجموعة نشاطات تتعلّق بالتوعية البيئية، وخصوصاً في ما يخصّ مشكلتي النفايات والملوثات».
أمّا المربي علي حمية، فقد أثنى على سلسلة الجداريات التي ترسمها فتيات الكشافة في أحياء البلدة «لأنها تنم عن عمل جماعي ينفّذ بتقنية جميلة، تنال إعجاب الجميع، وتظهر مدى جمالية القرى اللبنانية». ولفت حمية الى أن خطوة الكشافة هي «الأولى والسباقة في القرية، لكونها أتت من أنامل شابة دون دعم من أية جهة، سواء من الناحية المادية أو المعنوية، في ظل وجود بلدية وجمعيات في طاريا». أفرح تعليق المربّي على النشاط، الكشفية بهية حمية التي رأت «أنّ مجرّد تقدير العمل هو شهادة لنا». أمّا الأمر الآخر الذي يفرح بهيّة، فهو أنّ لوحتها التي رسمتها على جدار بيت الجيران «قد نالت إعجاب الجميع لأنها تبرز جمالية طبيعة القرى البقاعية». لكن، هذا الفرح الذي تبديه الفتاة الصغيرة، لا يمنعها من التعليق على إهمال الدولة، آسفة «لخلو المنطقة من منتديات ونواد ثقافية تهتم بمواهبنا».