استضافت مدرسة الجالية الأميركية (ACS) في اليوم العالمي للغذاء منتجي سوق الطيّب، لإطلاع التلامذة على صناعة الأكل العضوي بهدف الحفاظ على بيئة نظيفة، تقليل المخاطر الصحية، زيادة التنوع البيولوجي والأمن الغذائي. وقد أطلق التلامذة العنان لحشريتهم في معرفة تفاصيل السوق
فاتن الحاج
لم يكن الموعد مع سوق الطيب هذه المرّة في منطقة الصيفي، بل في حرم مدرسة الجالية الأميركية (ACS)، حيث أحيا تلامذة «globe club» اليوم العالمي للغذاء على طريقتهم. «أردناه يوماً يعرّف الطلاب إلى أهمية الصحة والبيئة والتنمية المستدامة وشراء الأغذية العضوية»، تشرح عضو النادي زلفا فرح. وتردف «الاحتكاك المباشر بين المنتجين والمزارعين من جهة، والتلامذة من جهة ثانية، يجعلهم يستفسرون عن مصدر الغذاء الصحي، فيشهدون عن كثب طريقة صناعة بعض الأصناف التي يشترونها من السوبر ماركت». واشترى التلامذة من النادي قمصاناً كتب عليها: «GOT FOOD» أو يوجد طعام. تؤكد فرح أنّ العائدات ستذهب لمساعدة الفقراء في العالم.
وإذا كان الهدف من اليوم الغذائي المعلن للتلامذة هو مساعدة الفقراء والجياع على تأمين رزقهم، فتعليق ريما بيطار (9 سنوات) يأتي طريفاً في هذا الإطار «نحنا هون لنساعد الناس التانيين اللي عم بيجوعوا بالعالم ومنشتريلن أكل من سوق الطيب». أما نادر أزاد، فيشير إلى «أنّ الهدف هو مساندة الفقراء اللي ما عندن أكل». يضيق أزاد ذرعاً بالطعام الأميركي «american food»، الذي نراه في كل مكان في محالّ الـ«fastfood» والبيت وكافيتريا المدرسة، لذا يقترح أن يكون مثل هذه اللقاءات مرّة في الشهر، لا مرّة في السنة.
يتجمّع تلامذة أحد الصفوف الابتدائية أمام الستاندات. لا يكتفون بالتلذّذ بالأطايب المعروضة، ربما لأنّهم كانوا يفضلون تذوق نوع آخر من الطعام السريع لم يجدوه في السوق، كما قال أحدهم. ومع ذلك تحمّس التلامذة للسؤال عن الخلطات و«من وين إجا هيدا العسل؟ ومن شو مكوّنة هيدي العجينة؟». تعجب البعض من رؤية غلاف الجوز، فشرحت لهم مارلين طعمة من السوق «كيف نكسر الخشبة لنخرج الجوز الذي ترونه في السوبر ماركت». كذلك اهتم البعض الآخر بمعرفة مكوّنات كعكة العيد. من هنا اقترحت إحدى المعلمات في المدرسة، شيرين الخطيب، أهمية إجراء دورة مسبّقة للتلامذة عن المعرض، وإعطائهم خلفية عن سوق الطيب والمشاركين فيه، «كي لا يفاجأوا ببعض التفاصيل على الستاندات».
لكن رينيه قدسي، أستاذة البيولوجيا والعلوم البيئية والصحية في المدرسة، ومنسقة المعرض، تشرح الأهداف البعيدة للنشاط، وهي إطلاع التلامذة على التغيّرات المناخية وتأثيرها في الزراعة، وأهمية توعية المزارعين للعودة إلى الزراعة العضوية والتنوع البيولوجي كي لا تضيع الخصوصية الثقافية اللبنانية مع العولمة.
أما مدير سوق الطيّب، شادي سعيّد، فيلفت إلى أنّ اللقاء يندرج في إطار مشروع السوق في المدرسة، أو «souk at school»، وهو برنامج يستمر مع المدرسة لتوعية الصغار على خيار جديد للعيش والأكل الصحي، وتعريفهم بالمزارعين والمنتجين من خلال لقاءات دورية لدعم سياسة توطيد العلاقة المباشرة بين المنتج والمستهلك. ويستهدف البرنامج، حسب سعيّد، التلامذة من مختلف الفئات العمرية.
وتذكر رئيسة الجمعية اللبنانية للزراعة العضوية في لبنان، رانيا توما، أنّ الزراعة العضوية نشأت في منتصف القرن العشرين، وتهدف إلى الحفاظ على بيئة نظيفة، تقليل المخاطر الصحية، زيادة التنوّع البيولوجي، وتحسين خصوبة التربة والأمن الغذائي. وتوضح أنّ الثورة الخضراء التي حدثت في الستينيات والسبعينيات أدت إلى زيادات هائلة في الإنتاج مقابل تطوّر في إنتاج المبيدات والأسمدة الكيميائية المركّبة والموادّ المعدّلة جينيّاً.


درب 4 سنين

سوق الطيّب ليس فقط سوق شراء خيار وبندورة صباح السبت، بل هو مشاركة في طريقة عيش معبر عنها بمشاريع عدة رسمت درب أربع سنين. احترام وعناية بالأرض، المنتجات، التقاليد، تقدير عمل كل مزارع ومنتج، رجل وامرأة من كل لبنان. ومن المشاريع Eco Market الذي سيكون سوقاً دائماً مع منشآت مبنية من مواد معاد استعمالها وأخرى مدورة محلياً يشمل مشاريع طاقة بديلة (طاقة شمسية وهوائية)، تدوير ومعالجة لنفايات عضوية، مواد بلاستيكية، ورق، معادن، ومياه. وبيت لبنان مشروع مشترك بين سوق الطيب ومنظمة العمل الدولية والبلديات يحمل اسم المنطقة الواقع فيها. منزل بعيد عن البيت، مركز إنتاج حيث سيقوم البعض بالطبخ، وآخرون سيزرعون ويحصدون ويعملون بالفخار والحياكة.