strong>لم يكن متوقعاً أن يُحدث افتتاح مكان للعبادة إزعاجاً للمواطنين. غير أن إغلاق قوى الأمن الطرق المحيطة بوسط بيروت أدى إلى زحمة سير حبست الناس في سياراتهم ساعاتتُنزِل الفتاة نظّارتها الشمسية عن شعرها لتضعها على عينيها. تفتح زجاج سيارتها الرباعية الدفع، وتطفئ مكيّف الهواء لتشعل سيجارة. تعبّر عن اختناقها من زحمة سير بين تقاطع بشارة الخوري وجسر فؤاد شهاب ستمنعها من الوصول إلى مكان عملها. تسأل: «ليش ما بيفتتحوا الجامع نهار الأحد؟».
فمنذ صباح أمس، أقفلت قوى الأمن جميع الطرقات المؤدية إلى وسط بيروت، حتى البعيدة منها، ما أدى إلى زحمة سير أسرت مئات المواطنين في سياراتهم ساعات. إقفال الطرق جاء ضمن إجراءات السير والأمن لمناسبة افتتاح مسجد محمد الأمين في ساحة الشهداء بحضور رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري وعدد كبير من الشخصيات الرسمية والروحية المحلية والعربية.
وقطعَت الطرق المؤدية إلى الساحة من محطة شارل الحلو والتباريس شرقاً، ومن باب إدريس غرباً، ومن أسفل جسر فؤاد شهاب جنوباً. كما سُدّت المنافذ المؤدية من الطريق البحرية إلى ساحة النجمة، فضلاً عن قطع الطرق المؤدية إلى ساحة رياض الصلح.
زحمة السير الخانقة عانى منها ركاب سيارات تكدّست طويلاً على جسر فؤاد شهاب (المسلك الجنوبي المتوجّه من الحمرا وعين المريسة إلى الأشرفية) وعلى الطريق المتجهة من بشارة الخوري إلى ساحة الشهداء. وأسفل هذه الطريق، تحت الجسر مباشرة، أوقِفَت باصات معدّة لنقل المشاركين في افتتاح مسجد محمد الأمين، خلف عوائق إسمنتية محفور عليها شعار «سوليدير». الباصات أوقفت في خطين متوازيين، تاركة طريقاً ضيّقاً لمرور السيارات التي اضطر سائقوها إلى قضاء أكثر من نصف ساعة ليقطعوا طريقاً يقل طولها عن 300 متر.
وكان منظّمو افتتاح المسجد قد خططوا لإيقاف هذه الباصات في منطقتي رأس النبع والبربير. وكلّ سائقي الحافلات الذين سألتهم «الأخبار» عن سبب وقوفهم في غير المكان المخصص لهم، أجابوا: «ما بعرف، جينا لهون. أقرب عالجامع».
سائقو الحافلات لم يكترثوا، ولم يتدخّل أيّ شرطي ليطلب منهم إيقاف الحافلات في مكان لا يؤثّر على خط سير المواطنين. وهؤلاء لم يعترض عدد منهم على زحمة السير. يبدي أحدهم استعداده لقضاء «ضعف هذا الوقت في سبيل افتتاح بيت الله. وأصلاً، شو في ورانا». أما البعض الآخر، فلا يرى مبرراً لقطع كل هذه الطرقات، في وقت الذروة ظهراً. يسأل أحدهم: «لماذا لا يحصرون الطرقات المقطوعة بمحيط الجامع؟»، ليعترض آخر على منع السيارات من الوصول إلى ساحة رياض الصلح، «وهي بعيدة عن المسجد أكثر من جسر فؤاد شهاب الذي بقي سالكاً. وإذا كان سبب الإقفال أمنياً، فلماذا لا يقفلون الجسر ليزيدوا الأمر سوءاً».

كلمة السرّ

الساعة الحادية عشرة والنصف وصلت ثلاث سيارات مموّهة الزجاج إلى الجهة الخلفية من مدخل شارع المصارف المغلق. نزل منها شباب باللباس الأسود يحملون أعلاماً كتب عليها «جبهة العمل الإسلامي ـــــ هيئة الطوارئ»، واقتربوا من الشرطي ليطلبوا منه فتح الطريق أمام موكبهم. أجابهم بكلمات قليلة أقنعتهم بالعودة إلى سياراتهم ليصلوا إلى المسجد من الجهة البحرية لساحة الشهداء. اندهش أحد المواطنين من طاعة هؤلاء للشرطي، فسأله عن «كلمة السرّ»، فقال «الشيخ سعد بدّو يمرّ من هون».
وفي ساحة الشهداء، تجمّع عدد من الشباب باللباس العسكري الشبيه بلباس الجيش الأميركي خلال حروب الخليج، وكتب على قمصانهم السوداء «صقور الجبال»...
(الأخبار)