علي السّقّاتجبر نفسك على الخلود إلى النوم، لأنّك ستضطر في اليوم التالي إلى الاستيقاظ باكراً. تتأكّد أنّ جميع الأوراق المطلوبة موجودة بحوزتك تلافياً لعودتك أدراجك. تسلك الطريق باتجاه وزارة التربية والتعليم العالي. تصادف لحظة دخولك رجال أمن بزي موحّد. ومن حسن حظّك أنّ الشباب لا يتعرّضون للتفتيش، على عكس النساء اللواتي يقفن أمام موظفة الأمن. يناولنها الحقيبة لتدخل يدها فيها قبل إلقاء نظرة على محتوياتها خوفاً من أي «خرق أمني».
تسأل عن الاستمارة المطلوب ملؤها لمعادلة الشهادة الرسمية فتبادرك إحدى الموظّفات بعبارة «ما عاد في عندي طلبات»، إلى أن تعود و«تحنّ عليك» فتطلب منك النزول إلى الجانب الآخر من الشارع وتصوير إخراج القيد. تعود إلى الوزارة لتفاجأ بطلب آخر: لقد نسيت الموظفة إبلاغك بضرورة إحضار مغلّف من النايلون. «وتكرج» نزولاً لتجد نفسك ضمن خط سير بشري يتحرّك أوتوماتيكياً من وإلى المكتبة الواقعة قبالة الوزارة. أما طابع الألف ليرة، فسيكلفك هو الآخر ضعف ثمنه إضافة إلى مسافة السير الطويلة نحو المحكمة الجعفرية للحصول عليه. وبغياب أيّ مكتب للاستعلامات يتحوّل رجل الأمن إلى دليل الزائر للوزارة. فينصح الطلاب بختم ورقة من وزارة الخارجية أو العودة إلى مديرية التعليم المهني. من جهة ثانية، فإنّ محاولة تنظيم صفوف المراجعين لا تخلو من أفضلية مرور «أصحاب الخط العسكري» مباشرة إلى مكاتب الموظفين، الذين تنتهي معاملاتهم بسرعة فائقة ممزوجة بابتسامة عريضة.