الضنية ــ عبد الكافي الصمدنجا العريس فادي متلج، إبن بلدة بقرصونا في جرود الضنية، بأعجوبة من تسمّم غذائي وقع ضحيته أكثر من 20 شخصاً كانوا مدعوّين إلى حفل زفافه. وجنّبه عدم تناوله أيّ طعام خطر قضاء ليلة عرسه في المستشفى بدلاً من الاحتفال بهدوء بزواجه بسمر البضن في مطعم ببلدة سير ـــ الضنية المجاورة.
ومع أن الحفل الذي أقيم مساء الأحد الماضي وحضره زهاء 350 شخصاً بدا أنه قد انقضى على خير، فإن عوارض تسمّم ظهرت في اليوم التالي على قرابة 22 شخصاً من المدعوّين، كارتفاع درجات الحرارة والإسهال والتقيّؤ، ما سبّب مخاوف كبيرة لدى أهالي المنطقة الذين ما زالت حاضرة في أذهانهم حالات التسمم التي خضّت عكار أخيراً، والتي أدّت إلى وفاة طفل في قرية السنديانة، وأوقعت 124 إصابة.
فمساء أول من أمس نقل إلى مستشفى سير الضنية الحكومي 22 مصاباً بعوارض تسمم، خرج منهم سبعة في وقت لاحق، بينهم طفلتان هما: أسماء متلج (سنتان) وإيمان متلج (3 سنوات)، وعسكريون. أما الباقون فقد بدت عليهم «عوارض تدل على وجود تسمم، وقد أجريت لهم الفحوص المخبرية اللازمة لتحديد السبب»، وفق توضيح طبيب الطوارئ في المستشفي نظير يوسف، لافتاً إلى أن «الحالات متوسطة الخطورة ولا تدعو إلى القلق»، ومشيراً إلى أن «إدارة المستشفى أبلغت قوى الأمن الداخلي وطبيب القضاء بالأمر».
وفيما قال رئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور عمر فتفت لـ«الأخبار» إن «وضع المصابين لا يدعو إلى القلق»، قالت طبيبة قضاء المنية ـــ الضنية في وزارة الصحة الدكتورة بسمة شعراني لـ«الأخبار» إن «العيّنات التي أخذناها ستظهر نتائج فحوصها المخبرية في غضون يومين أو ثلاثة». ومع أن شعراني فضّلت عدم إعطاء أيّ معلومات إضافية إلا بعد موافقة المسؤولين في وزارة الصحة، إلا أنها حرصت على التأكيد أن «الموضوع بسيط وقد قمنا بما يلزم».
وإزاء شائعات ومعلومات جرى تداولها في المنطقة، أشارت إلى أن المصابين تناولوا حلويات (كاتو) وأطعمة أخرى في المطعم، يرجح أنها فاسدة، نفى المسؤول عن المطعم وائل الشيخ هوشر لـ«الأخبار» أيّ علاقة لمطعمه بحادث التسمم، موضحاً أنهم لا يقدمون أطعمة في مناسبات كهذه، «بل نؤجّر قاعة المناسبات. ومن يطلب حلويات أو أطعمة للمناسبة نشتريها له من مكان آخر، أو يؤمّنها هو بنفسه».
إلا أن اللافت في الأمر هو ما التقى عليه هوشر ومواطنون من بلدة بقرصونا من معطيات، أشارت إلى أن «بعض المشاركين في الحفل جلبوا معهم وجبات طعام وسندويشات لحم وغيره من خارج المطعم! وأن بعضهم تناول طعاماً وحلويات قبل الحفل وبعده، ما يجعل تحديد أسباب التسمم الفعلية صعباً بانتظار ظهور الفحوص المخبرية». إلا أن هوشر طرح سؤالاً اعتبره منطقياً، إذ رأى أن «من تسمّموا كانوا بحدود 20 شخصاً، فكيف يقتصر الأمر عليهم فقط، فيما كان المشاركون في الحفل أكثر من 300 شخص؟».


سوابق تسمّم مكتومة

ربما كان لحادثة تسمّم 124 شخصاً في جرود عكار بحلوى «الإكلير» التي أوقف فيها شخصان من طرابلس رهن التحقيق، فضل على أهل الضنية لجهة تسليط الضوء إعلامياً على أمنهم الغذائي المتفلّت على ما يبدو. فحادثة تسمم الزفاف، ليست الأولى من نوعها في مطاعم المنطقة، فقد وقعت حوادث مماثلة لكنها بقيت بعيدة عن الإعلام. منها حادثتان الصيف الماضي في الضنية، أوقعتا ما بين 8 و11 حالة تسمم بين المستهلكين للأطعمة والمشروبات، إلا أن المرضى، حسب أهالي المنطقة، خجلوا من الحديث عن ذلك لكونهم أكلوا في مطاعم شعبية. أما الحادثة الثالثة فقد حصلت أثناء غداء سياسي لتيار المستقبل، «أوقع» حوالى 60 إصابة بين المدعوين إلى المطعم الذي يملكه قريب لسياسي في التيار.