علي السقاقالت له بإيحاء:
أسدل جفونك ببطء،
كستارة تعلن نهاية شيء.
دعها تتعانق بشغف، كحبّات القمح في حضن سنبلة.
قُل للحواسّ:
كفى ضجيجاً. أغمض عينيك واحلم. احلم قليلاً. فإن أجمل ما في الأحلام، أنها أحلام.
انثر صوري في الزوايا.
خذ لنفسك موضعاً وسطاً، وتخيّل أنك قريب قرب العين من الأثر. إن شعرت بجسدي، فذره بعيداً عنك واحلم.
لا تفتح عينيك على شيء.
بل لك أن تذهب عميقاً في الحلم، فإن في الحلم مدى ونظراً.
أطبق جفونك بإحكام واسرح، إنني بقربك وإنك تختلس النظر.
والآن أخبرني، ماذا ترى؟
أحلم بوجه يزهر بالياسمين وعلى وجنتيه تمطر القبل.
وأحلم بعينين سوداوين خلابتين لبريقهما سحر تسجد له العيون وتجفل.
وأحلم بأن لهاتين العينين مدى أعبره ولا أصل.
أحلم بوجه لسحنته سمرة كخمر عتيقة لم يمسسها بشر، وأحلم بشعر يخطف من الشمس نورها وينساب على خدين يتزاحمان والقمر.
أحلم بثغر إن تبسّم تفتّح برعماً في أرض يباب لا ماء فيها ولا خضرة.
وأحلم بأنني أغمض عيني، وأحلم بفتاة لها وجه الشرق، تعيس، واجم، له حزن بلاد الشرق وعليه فرح قبائل الشرق، ومنه تعبر فتاتي إلى مقصلة عادةٍ شرقية.