خالد صاغية خبر مقتضب وزّعته إحدى وكالات الأنباء الأجنبيّة: «قال مصدر رسمي اليوم الثلاثاء (أمس) إنّ التوجّه في تعيين السفراء بين لبنان وسوريا، الذي سيتمّ بعد افتتاح السفارتين، هو أن يكون السفير اللبناني في دمشق مسيحياً مارونياً والسفير السوري في بيروت مسيحيّاً». الخبر ناقص طبعاً. فنحن اللبنانيّين يهمّنا فعلاً معرفة دين الشخص، لكنّ ما يعنينا أكثر هو طائفته. لماذا هذا التقصير من وكالة الأنباء. نريد أن نعرف ما إذا كان السفير السوري المزمع تعيينه في بيروت مسيحياً أرثوذكسياً أم مارونياً أم لاتينياً أم أشورياً أم... فالكنائس المسيحيّة السوريّة كثيرة، وقد يكون السفير المعيّن من طائفة لا تعجبنا كثيراً دلالاتها السياسيّة.
ثمّ إنّ هذا السفير السوري المسيحي، هل هو مسيحي 100%؟ فقد يكون مثلاً من أب مسيحي وأم مسلمة. عندها تتغيّر المعادلة. وإذا كانت الأم مسلمة، ينبغي أن نعرف من أي طائفة هي؟ شيعية، سنّية، علويّة، درزيّة؟ فالأم لها تأثير كبير، وقد يكون هذا السفير الجديد قد تأثّرت تربيته بطائفة أمّه غير المسيحيّة. الكلام نفسه يصحّ على السفير اللبناني في دمشق الذي عرفنا أنّه ماروني، لكنّ طائفة أمّه بقيت غامضة.
لا يمكن أن تخطو العلاقات اللبنانية ــــ السورية نحو تصحيح جدّي وسط كلّ هذا الغموض. ولا يمكن أن يعامَل الشعب اللبناني بعد ثورة الأرز المجيدة كما لو أنّه شعب قاصر لا يمكن إطلاعه على تفاصيل ما يُعَدّ له في الكواليس السياسية والدبلوماسية.
وبالمناسبة، لماذا لا نعرف طوائف جميع سفرائنا في دول العالم؟ فلتتحرّك الصحافة، ولتتقصَّ من الدوائر الرسمية نوع الطائفة التي ينتمي إليها سفراؤنا. ومن الآن فصاعداً، لن نقرأ أو نستمع إلى أي تصريح لا يشار فيه إلى طائفة صاحبه.
وكالة الأنباء لم ترتكب خطأ. لقد عرفت ما هو الخبر الذي يهمّ اللبنانيين. وهو خبر أبدت فيه صحف عدّة رأيها، وأعطت تكهّناتها في ما يخصّه. لا حياء في العلم. لا حياء في الدين.