إيلي شلهوبحكاية الولايات المتحدة مع حزب الله قديمة، تعود إلى أوائل ثمانينيّات القرن الماضي، إلى بدايات هذا الحزب. علاقة مصبوغة باللون الأحمر، والعداء المتبادل. فيها كل أنواع المشاعر السوداء، ليس أقلّها الحقد وطلب الثأر. لكنها علاقة دخل عليها منذ سنوات، وتحديداً منذ آب 2006، عنصر جديد: تحوّل الازدراء الأميركي لهذه «المنظمة الإرهابية»، إلى نوع من الإعجاب المُضمر بأدائها وتكتيكاتها، بصلابة مقاتليها وتماسكهم التنظيمي، بقدرة قيادتها على السيطرة والتحكم بجميع مفاصلها... نظرة عبّر عنها انهماك عسكر أميركا لأشهر في دراسة نموذج حزب الله و(خاصة أداؤه خلال عدوان تموز)، والتوصيات التي صدرت عنهم بتعميمه على أكثر من منطقة، بينها جورجيا.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل يبدو أنه تعدّاه إلى اعتقاد أميركي بتفوّق مدرسة حزب الله على مثيلتها الإيرانية، وكأنه تبادل للأدوار بين التلميذ والمعلم. على الأقلّ، هذا ما يمكن استنتاجه من تقرير استخباري، نشرت خلاصاته «نيويورك تايمز» قبل أيام، حول تدريب إيران لـ«المجموعات الخاصة» العراقية.
الرواية الأميركية تُفيد بالآتي: يُنقل المتدرّبون إلى العمارة، ومنها إلى غرب إيران، وخاصة الأهواز وكرمنشاه، ومن ثم إلى قاعدة «سيد الشهداء» في طهران، حيث يتدرّبون لمدة شهر على استخدام الأسلحة الخفيفة والهاون والمضادّات ونصب الكمائن. «الأذكياء» منهم يخضعون أيضاً لـ«دورة هندسة» يتعلّمون في خلالها كيفيّة زراعة العبوات الناسفة. وعند استكمال التدريب، ينظّم الإيرانيون للمتخرّجين رحلة سياحية داخل إيران، لا يستفيد منها المتفوّقون، الذين يُنقلون عبر سوريا إلى لبنان، حيث يخضعون لدورة تدريب على أيدي حزب الله «أرفع مستوى بكثير من الدورة في إيران».
بغضّ النظر عن صدقية هذه المعلومات، يبدو أن رجال الاستخبارات الأميركية مقتنعون بها، وبكثير من مثيلاتها غير المنشورة. لعلّه انعكاس الغموض الذي يلفّ حزب الله نفسه به، على المخيّلة الجماعية الأميركية، التي باتت الأساطير المتداولة تجد الطريق إليها معبّدة، إلى حدّ يمكن توقّع فيلم أميركي قريب حول علاقة الـ«سي اي ايه» مع هذا التنظيم، يُرَجّح أن يحمل عنوان «غرام وانتقام»: قصّة ضابط أميركي وقع في غرام «مخرّب» لبناني أفنى حياته في مطاردته.
حكاية لا تزال نهايتها في طور الصياغة.