شادي كوسى دائماً ما كان يخطر ببالي البحث عن الدوافع الخفية التي تتحكم في أهواء شعب ما وتجعله ينتخب ممثليه وقادته، ولا أفشي سراً إذ أقول إنني غالباً ما كنت أجد مبررات للخيارات الخاطئة لشعوب هذه المنطقة خاصة، ودول العالم الثالث عامة، إذ إن شعوب منطقتنا غالباً ما تتحكم في أهوائها وخياراتها دوافع إما دينية أو عرقية أو مناطقية، أو يُسيطَر على خيارهم السياسي في بلاد الأنظمة الشمولية ليكون خيارها رهناً بمشيئة الحاكم المطلق.
ولا يخفى عليكم أيضاً أن من جملة ما يؤثر أيضاً في هوى الناخبين في دولنا انخفاض مستوى التعليم وانتشار الجهل والأمية وعدم استخدام وسائل الاتصال الحديثة والاستخدام السافر والسيئ للمال السياسي.
إنّني في ما سبق لا أحاول التبرير بل هي محاولة للفهم والتفكير بصوت عال، لعلّنا نساهم في إيجاد إطار للعمل يساهم في التوعية ونشر الثقافة الانتخابية والسياسية لنرتقي بناخبينا وبمستوى خياراتهم، لعلنا نرتقي يوماً بمستوى ممثلينا، محاولة منا للنهوض بهذا الوطن، إذ إننا أولا وأخيراً من يتحمل سوء الاختيار وتبعاته.
حتى الآن، لا يبدو كل شيء مقبولاً، إنما يبدو مفهوماً نوعاً ما، ولكن الأمر الذي لم أستطع فهمه حتى الآن هو الخيارات الانتخابية للشعب الأميركي وكيف ينتخب شعب بغالبيته رئيساً كجورج بوش، ما الذي يتحكم بخياراتهم
وتوجهاتهم؟
لا أظنها الديكتاتورية ولا هي بالتأكيد أيضاً تلك الهوة الثقافية والمعرفية والتكنولوجية التي تفصلهم عن الشرق المتقدم، ولا هو الفقر والجهل المحلّق فوق رؤوسهم كالطير. سنسلّم جدلاً بأنهم كانوا مضللين وتحجب عن عيونهم الرؤية غشاوة كثيفة عشية انتخاب بوش الابن في ولايته الأولى، ولكن بالله عليكم أسعفوني ما الذي حدا بهم وجعلهم يختارونه سيداً للعالم لولاية أخرى بعد كل هذا الدمار الذي خلّفه في الأرض، وبعدما خلق للولايات المتحدة عدواً في كل بيت حول العالم.
ولو آمنّا أيضاً بأن الشعب الأميركي قد أوصلته الرأسمالية المتوحشة والنيوليبرالية إلى مرحلة لا يفكر بها بأي شيء أو أي إنسان خارج خدود إمبراطوريته، فما هو فاعل الآن بعدما أدخل بوش «الذكي» وحش الرأسمالية إلى حديقة البيت وصار النظام المالي العالمي كله على شفير الانهيار.
إنه ذاته جورج بوش الذي كان مادة دسمة ومسلية بغبائه وقفشاته في فيلم المخرج الأميركي مايكل مور، وعينه الذي قال عنه والده الرئيس الأب ذات يوم «ابني ليس بالغباء الذي تتصورونه». صرت أحمد الله أن الدستور الأميركي لا يسمح بانتخاب الرئيس لأكثر من ولايتين، ولو أنني على ثقة بأن الرئيس المقبل لن يكون أكثر عدلاً ولكنه بالتأكيد أكثر ذكاءً.
هل تشاطرونني الاستنتاج بأننا لسنا أغبى الشعوب الموجودة على وجه
الأرض؟