رنا حايكمع أنها كانت لا تزال التاسعة صباحاً، لكنّهن وجدن الوقت الكافي للمبالغة بالتأنق. ماسٌ كثير كان يلمع في أصابعهن أمس. هذه المرة، كان عنوان المؤتمر الخطير «المرأة العربية والمستقبل». أما صور أغلفة مجلة الحسناء، الجهة التي دعت إلى المؤتمر بالتعاون مع مجموعة الاقتصاد والأعمال، فقد كانت تزيّن الرّواق الطويل المؤدّي إلى القاعة الضخمة في فندق فينيسيا. وأنت تسلك طريقك إلى القاعة، تثير ضحكة الفنانة دانا على أحد تلك الغلافات تساؤلاتك عن نوع المستقبل الذي يقصده المؤتمرون والمؤتمرات.
على المدخل، تسلمت السيدات المشاركات محفظة تتدلّى منها سلسلة من «الستراس»، في داخلها قلم يبدو أن مصممه أو من اختاره «راعى» موضوع المؤتمر، فجعل شكله انسيابياً كجسد أنثوي. أما في الداخل، فقد فاحت رائحة العود والعنبر لتزيد من دوار العيون الحائرة بين حقائب غوتشي ولويس فيتون وتشويق الإعلان عن «سر القيادة» عنوان الجلسة الافتتاحية.
لم يقتصر التسليع على «الأكسسوار»، بل تخطّاها ليشمل كل التفاصيل: فقد حرص المنتدى، على جمع العنصر الأفضل من كل مجال حيوي، هكذا احتوى على نساء من مشارب متناقضة، نضالية سياسية وترفيهية تجارية بحتة، ومن مختلف البلدان: سيدات أعمال لبنانيات وخليجيات، برلمانية إيطالية، مناضلات في مجال العمل النسوي، المخرجة إيناس الدغيدي، السياسية حنان عشراوي والوزيرة بهية الحريري، وقد كرّمهما المنتدى مع أميرة سعودية اعتذرت عن الحضور، إضافة بالطبع إلى السيدة الأولى وفاء سليمان راعية المنتدى.
أما عريف الافتتاح، فمن غيره؟ خاطف أنفاس السيدات العربيات وألبابهن، الزميل الإعلامي جورج قرداحي الذي ازداد جاذبية وهو يتحدّث عن «الملهمة والمعذّبة»، مشيداً بمجلة الحسناء التي «تحمل لواء المرأة العربية»، وبمحطة أم.بي.سي، بالطبع، الشريكة الإعلامية في المنتدى، التي شدّد مديرها التسويقي مازن حايك خلال مداخلته على أهمية تجربة بثّها لـ«مسلسل «نور» الذي شاهد نهايته السعيدة 50 مليون امرأة، أي أكثر من نصف النساء البالغات في العالم العربي» كما قال.
في هذه الأجواء «المعقدة»، مرت كلمات، توصف عادةً بأنها «عمومية» ودبلوماسية، ككلمة وزير المال الأسبق جهاد أزعور ووزير الثقافة الحالي تمام سلام والوزيرة بهية الحريري، بسلاسة.
لكن تلعثم صاحبات الرؤى المستقبلية، وأخطاء النحو المتلاحقة التي وقعن فيها، «مهدت» لصدمة من نوع آخر. هكذا، بدت بلاغة وعمق الكلمة التي ألقتها السياسية الفلسطينية حنان عشراوي، «غريبة» عن السياق العام، إلى درجة طرحت تساؤلاً جوهرياً مفاده: ولكن، ماذا تفعل هذه السيدة هنا؟! «إذا كانت هنا، يعني أكيد لديها ما تقوله»، تهمس إحدى الصحافيات. وبالفعل، تحدثت عشراوي خلال مداخلتها القيمة عن إشراك المرأة العربية في النضال، وإقصائها حين يحل القطاف. هل كانت تلمّح إلى تجربتها الشخصية؟ لا أحد يعلم، ولكن لا شك أنها كانت النجمة الحقيقية للمنتدى.


هل مفهوم المساواة مفهوم

بدأت سيدة الأعمال الكويتية، سارة الجاسم، مداخلتها بآية قرآنية عن المساواة بين الجنسين، لكنها أنهتها بالوقوع في فخّين: الأول هو القبول بوهم المساواة مع ذكر، والثاني دحض استعدادها لتحمل نتائج تلك المساواة الحقيقية وتبعاتها. فقد اشتكت الجاسم من عملها في الشركة العائلية لوالدها، حيث «بدأت من أدنى الدرجات، أي المخزن»، وبعدها استعين بالذّكَر في عائلتها لإمساك القيادة، ما جعلها تنسحب لتنشئ مع زوجها شركتهما الخاصة، ما رأته الجاسم عودة إلى القيادة، مع أن زوجها مبدئياً ذكر. على صعيد آخر، اشتكت من رحلتها في باص المطار حين اضطرت للوقوف، لأن أيّاً من الرجال الجالسين لم يدعها إلى الجلوس مكانه.