رامي زريقفي مثل هذا الوقت من كل عام، تحوم الطيور الجارحة في سماء بلادنا. إنه موسم الرحيل. وكل عام، في مثل هذا الوقت، تزداد اعتداءات المستعمرين الصهاينة على أرض فلسطين ضراوة. يقطعون الطرق. يرشقون المارة بالحجارة ويطلقون عليهم النار. يقتلون النساء والأطفال والمسنين. يقتلعون الأشجار ويحرقون البساتين. إنه موسم الزيتون في فلسطين المحتلة. وكما في كل عام، تنقل الصحافة العربية والعالمية، وحتى الإسرائيلية، وبدون أي خجل، أخبار العنف المدني الصهيوني المنظم والمبرح. توثّق مئات الصّور المنشورة على مدوّنات الإنترنت وحشية المحتلين.
يتصدى بعض الناشطين من غير العرب للمعتدين، ويضعون أجسادهم حاجزاً حياً بين الفلاحين وأفواه البنادق.
يفرّقهم جيش العدو بالعصي والشتائم. ويبقى أهل فلسطين وحدهم صامدين، يقطفون الزيتون ويعصرون منه زيتاً فيه رائحة القدس وطعم المقاومة.
يكتبون به رسالتهم السنوية إلى المحتل، قائلين: «نحن مثل شجرة الزيتون، مزروعون في الأرض الحمراء منذ آلاف السنين. تلتف جذورنا المغروسة في الأعماق حول صخورها وتشرب من أحشائها. إنها أرضنا التي أحييناها وفلحناها وحميناها ولن نتخلى عن ذرة واحدة من ترابها».
أما في جنوب لبنان، وعلى مرمى حجر من الجليل المحتل، فتحوم الكواسر مرتفعة فوق كروم الزيتون التي حررتها سواعد المقاومين. حرّرتها بالرغم من تواطؤ عالم يطلق على نفسه صفة الحر، ناسياً أنه اكتسب حريته عن طريق استرقاق الآخرين.
يحصد الجنوبيون زيتونهم بالرغم من عناقيد الموت التي خلّفها المعتدون، ويعصرون منه زيتاً فيه رائحة الطيّون وطعم الحرية. يكتبون به رسالتهم إلى العالم: لن يبقى محتلّ على أرضي. إنه موسم الزيتون.