أحيت منظمة «غوث الأطفال»، «يوم التحرّك لوقف العنف ضدّ الأطفال»، في قصر الأونيسكو. حضر أكثر من أربعمئة طفل من منظمات أهلية عدة. وتخلّلت اللقاء أسئلة بين الأطفال وبعض المسؤولين عن حقوقهم
ليال حداد
تهمس الفتاة بأذن رفيقتها. تضحك الاثنتان، وتسألان المسؤولة عنهما «مدام، شو يعني عنف جنسي؟». تجيب المرأة بما تستطيع ابنتا السبع سنوات فهمه، «يعني لما الكبار يدقوا بأجسام الزغار». يبدو الاقتناع على وجهي الفتاتين.
العنف الجنسي، العنف الجسدي والعنف النفسي، ثلاثة مواضيع حضرت أمس بمناسبة «يوم التحرّك العالمي ضدّ العنف» في قصر الأونيسكو. النشاط الذي نظّمته جمعية «save the children» السويدية بالتعاون مع عدد من الجمعيات الأهلية، حاول إعطاء الأطفال فرصة الكلام ومحاورة المسؤولين السياسيين. لم يكن الحوار... حواراً، بل مجرّد أسئلة حضّرها الأطفال أو المسؤولون عنهم سلفاً دون أن يتمكّنوا من مناقشة الأجوبة. سأل الأطفال عن حقوقهم، عن وقف العنف في المدرسة وعن طبابة الأطفال مجاناً، والحقّ «المقدّس» بحصول كل طفل على هوية. إلّا أن أجوبة ممثّلي الجهات الرسمية لم تكن مقنعة إطلاقاً. فها هو الأمين العام للمجلس الأعلى للطفولة إيلي مخايل يردّ على سؤال عن المادة 186 من قانون العقوبات، التي تجيز إنزال العقوبات ضدّ الأطفال على نحو ما يبيحه العرف العام، مؤكداً أن المجلس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، يعمل على تعديل هذه المادة، دون أن يوضح المدّة الزمنية لذلك، مكتفياً بالقول «في المرحلة المقبلة هذه المادة لن تعود موجودة». أما ممثلة وزير الصحة، أمل منصور، فأعلنت أن كل طفل لبناني أو مقيم على الأرض اللبنانية يحقّ له أن يعالج على حساب وزارة الصحة اللبنانية «وهذا أمر محسوم»، وهو ما أثار استغراب بعض الحاضرين، الذين رأوا أن القانون شيء وما يطبّق على أبواب المستشفيات شيء آخر.
غير أن مفهوم العنف، يتّخذ شكلاً آخر عند الأطفال الذين يعيشون في ظروف اقتصادية واجتماعية سيئة. أطفال مخيّم برج البراجنة «يعيشون عنفاً أشد من الضرب الجسدي» تقول زينة الصالحاني من «جمعية المرأة الخيرية» في المخيم. تشير الصالحاني إلى عدد من الصور المعروضة، التي تظهر أولاداً يلعبون إلى جانب أسلاك الكهرباء وقساطل المياه، «سنوياً تحصل حالات وفاة بسبب هذه الأسلاك». ورغم هذه «الكارثة»، لا يوجد حلّ آنيّ لهؤلاء الأطفال «وضعنا غير شرعي ولا يمكننا القيام إلا بتحسينات صغيرة» توضح الصالحاني.
من جهتهم، يتحدّث الأطفال عن العنف بطريقة مختلفة عن تلك التي يستعملها المختصون. يروي حسن زبيدي (9 سنوات) عن الضرب الذي يتعرّض له رفيقه في المدرسة، «أهلو ليوسف بيضلّوا يضربوه، وبيّو بيضرب إمّو». لا يعرف زبيدي الطريقة المناسبة لمساعدة رفيقه «ربما عليه تقديم شكوى عند البوليس». غير أن هذا الحلّ «القانوني» ليس موجوداً بالضرورة في مخيّلة كل الأطفال، إذ تقول ماري ــ جوزيه خوري (11 سنة) إنه إذا ضربها أحدهم فستضربه «حتى لو البابا أو الماما، العنف ممنوع».
تخلّل اللقاء معرض لرسوم بعض الأطفال، حملت شعارات مناهضة للعنف، «أنا بفهم بالحكي مش بالضرب»، «مش بس الضرب هو عنف، كمان اللفظ السيّئ والإهانة انتهاك لحقوقي».