عاش تلامذة مدرسة زهرة الإحسان في الأشرفية وأساتذتهم وأهاليهم «يوم العونة» في قطاف الزيتون الشمالي، إذ انتقلوا إلى أحد الحقول في شكا
إيلي حنا
«لا تستعملوا العصا من فضلكم في عملية القطاف»، يخاطب صاحب الأرض بعض تلامذة مدرسة زهرة الإحسان في الأشرفية المشاركين في قطاف الزيتون في شكا. يتنقل «العم» ضاهر بين شجرة وأخرى، موزّعاً تعليماته على التلامذة المتحمّسين. «هي المرة الأولى التي يزورون فيها حقلاً للزيتون، لذا علينا استيعابهم وتعليمهم الأصول الصحيحة للقطاف»، يقول بثقة.
على المقلب الآخر من الحقل، يتبادل تلامذة من المرحلة الثانوية الأحاديث بشيء من السرّية والعزلة. يستبق عاطف الخولي أيّ سؤال ويعلّق قائلاً: «عملنا رمزيّ ويفيد الدير»، بما أنّ لدير سيدة النّورية حصّة في المحصول. يستعجل عاطف الذهاب ليستظل إحدى الأشجار، بعدما سبقه العديد من الأصحاب إلى هناك، مصطحبين طبلتهم و«الزوّادة». تستمتع ميرا الهبر بمساعدة المزارعين، وترى في بعد مكان النشاط عن بيروت دافعاً لتفاعل أكبر للتلامذة معه. لكن هناك من أتى إلى الحقل لمجرد اللعب ورؤية الأصحاب فحسب، كما هي حال كارل مكرزل، التلميذ في الصف الثامن الأساسي. لا يخالفه زميله رامز خلف الرأي «فالأوضاع الأمنية لم تسمح للمدرسة سابقاً بالقيام بأي نشاط وهذه فرصتنا مع أنّ النشاط جديد شوي علينا ومتعب». لكن الياس أبو طراد يقترب ليعلن أصله الشماليّ وامتلاك جدّته أشجار زيتون، لم يرد الياس سوى نفي الفكرة المعمّمة عن حداثة هذا النشاط بين رفاقه.
ومع ذلك تجنّب قسم من التلامذة اللهو وابتكار أسباب للتوقف عن العمل مثل «رايحين نقضي حاجتنا»، أو «لم أرتح بعد دقيقة واحدة»، فراحوا يتنافسون على ملء أكبر عدد ممكن من أكياس الزيتون.
كان لافتاً ارتداء التلامذة على اختلاف أعمارهم للكوفيات. «إنها الموضة حالياً»، تقول ميريام ديب، فيما يبحث رامي رزق الله عن واحدة حمراء، لكنه لم يجدها في برج حمود حيث ابتاع الأكثرية كوفياتهم. أما ريما عساف فأشارت إلى أنّ الكوفية ترمز إلى فلسطين فلا بأس بدعم هذا الوطن بما أنه عربي كلبنان «لكنها طبعاً عالموضة»... «موضة وبس» تقاطع سعاد غطاس التي تنوي شراء كوفية قريباً «بس ما خصّني بفلسطين».
إنها الثانية عشرة ظهراً، يقترب موعد التوجّه نحو معصرة الزيتون في حامات. «هيّا يا شباب نصف ساعة عمل أخيرة فليشارك الجميع»، تصرخ المديرة هلا سكاف. يتحرك المشاركون سريعاً، يحصل ديمتري الصغير على تنويه من المعلمات بسبب جهده، يناقش هؤلاء من يستحق تنويهاً أيضاً «فتقدير عمل كل شخص وأخذه بعين الاعتبار يشكل حافزاً معنوياً».
18 كيساً كبيراً هي حجم مساهمة الطلّاب في القطاف، رقم أسعد المديرة مقارنة مع الوقت الذي استغرقه العمل ووجود أعمار منخفضة مشاركة، وهي تؤكد أنّ الهدف هو معرفة الأرض وخيراتها ومنافع الزيتون، «هذه الشجرة الأكثر انتشاراً على الأراضي اللبنانية التي حاول اليهود قتلها أثناء احتلالهم للجنوب».
ويتوّج النشاط بتنظيم «مهرجان الزيتون» في المدرسة حيث سيكون زيتون لبنان وزيته ومنتجاته محور نشاطات وألعاب وأفلام تثقيفية، تحت شعار «زيتون لبنان... صحة وجمال».