الأورام الحميدة في البروستات لم تكن تعالج إلاّ من خلال الجراحة أو إزالة الأنسجة المتضخمة بواسطة المنظار، ولهاتين العمليتين آثار سلبية، أخيراً أُجريت في لبنان «عمليات» استخدم فيها جهاز الشعاع الأخضر الذي لا يتطلب إحداث شق في جسم المريض ويقيه من آثار جانبية عديدة

غادة نجار
علاج الأورام الحميدة في البروستات دون اللجوء إلى الجراحة إنجاز بات ممكناً في لبنان، وقد أُجريت في الأسابيع الأخيرة «عمليات» عدة بواسطة الجهاز الجديد Green Light في المستشفى اللبناني ـــ الكندي، وتمّت هذه «العمليات» بنجاح. وجرى الحديث عنها خلال مؤتمر صحافي عُقد في دار نقابة الصحافة شارك فيه مدير المستشفى الدكتور شمعون وطبيبان شاركا في إجراء العمليات، وهما الدكتور سعد غصن والدكتور فادي سعادة. وقد شرح الأطباء بإسهاب ماهية الإنجاز وتفاصيل ما يقدمه لمرضى البروستات من الناحية الطبية والحياتية.
من المعلوم أن البروستات غدة تمثّل جزءاً من جهاز الرجل التناسلي، وهي تقع أسفل المبولة وتحيط بالقناة التي تُخرج البول من الجسم، لذا فإن بعض الأمراض التي تصيب الجهاز البولي قد تسبب ضرراً في البروستات، وثمة عوامل أخرى عديدة تساهم في إلحاق الضرر بالبروستات وتؤدي إلى تضخمها وإصابتها بأورام حميدة أو خبيثة. إن أورام البروستات على أنواعها تكاد تصيب أي رجل في مرحلة عمرية محددة هي في أغلب الأحيان بعد سن الستين، ولكن هذا لا يستثني احتمال الإصابة في سن أبكر، أي في أواخر الأربعينيات في حالات نادرة. ومن المعلوم أيضاً أنه حتى زمن ليس ببعيد، كانت الجراحة، أي استئصال البروستات أو جزء منها إذا تعدى حجم البروستات الـ100 غرام، وما يُعرف بالقحط أي إزالة الأنسجة المتضخمة بواسطة المنظار إذا كان حجم البروستات بين الـ70 و80 غراماً، هما الأسلوبان الوحيدان لمعالجة هذه الحالة. أما ما حصل قبل نحو عام في أوروبا وأميركا، وأخيراً في لبنان، أن جهاز Laser في أحدث حالاته أي Green Light أو الشعاع الأخضر، الأكثر دقة وتطوراً من الشعاع الأحمر المستخدم منذ نحو ثماني سنوات، هذا الجهاز سمح للأطباء بإجراء العلاج دون اللجوء إلى الجراحة أو القحط، أي دون إحداث أي شق في الأنسجة، فلا نشهد نزفاً للدماء أبداً ولا حاجة لاستخدام الميل أبداً، ولا داعي لأن يبقى المريض في المستشفى أكثر من يوم واحد.
إن المريض الذي يُعالج بواسطة جهاز «الشعاع الأخضر» لا يحتاج إلى أكثر من بنج موضعي خلال «العملية»، ويخرج إلى منزله بعد ست ساعات من انتهائها، وعليه التبول طبيعياً قبل مغادرة المستشفى، ويستأنف نشاطه الحياتي والإنتاجي خلال مدة لا تزيد عن 48 ساعة.
وربما يكون من أهم ما تقدمه هذه الوسيلة الحديثة إلى مرضى البروستات، ما بيّنته ملاحظات الأطباء أن 60 إلى 70% من الذين خضعوا لهذا العلاج يستأنفون ممارسة حياتهم الجنسية طبيعياً، ويحافظون على القدرة على القذف الخارجي، فيما تنتفي هاتان الإمكانيتان أو تنخفض الأولى كثيراً وتنتفي الثانية في حال الخضوع للجراحة أو القحط.
من جهة أخرى، لا تستلزم هذه التقنية أي توقف عن تناول مضادات التخثر أي anti-coagulants قبل الخضوع للعلاج أو خلاله أو بعده، لأنه لا يسبب نزفاً، وهذا من العوامل التي تُحسب لهذا العلاج، إذ إن معظم مرضى البروستات في سن لا تسمح لهم حالتهم الصحية بالتوقف عن استخدام مضادات التخثر دون التعرض للإصابة بالجلطات المختلفة.
لقد أجرى الطبيبان غصن وسعادة عدداً من هذه العمليات بحضور الطبيب الإنكليزي الرائد في استخدام هذه التقنية في أوروبا الدكتور غوردن نيور، وخرج المُعالجون من المستشفى بعد ست ساعات في حالة جيدة.
مدير المستشفى اللبناني الكندي وأطباؤه يؤكدون أن مركزهم هو مركز تعليمي لكل الاختصاصيين من لبنان وخارجه، ويدعون المهتمين إلى اكتساب المعرفة والخبرة الضروريتين لاعتماد هذه التقنية. ورغم أن كلفة العلاج لا تزال مرتفعة بعض الشيء حيث تبلغ بمجملها 3000 إلى 4000 دولار أميركي، إلا أن هناك مساعي حثيثة للتوصل إلى حلول تخفف من وطأة التكلفة على المواطن العادي.
تقنية Green Light لا تُستخدم في حالات الإصابة بسرطان البروستات، إلا أنها تساهم في معالجة بعض الحالات المرافقة للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي لدى المصابين به الذين لا تسمح لهم بعض الحالات الصحية بإجراء استئصال للورم الخبيث. إن جهداً يهدف إلى نشر استخدام تقنية حديثة من هذا النوع بكلفة مقبولة من المواطن العادي يحتاج إلى تضافر جهود عدد من المؤسسات.