حسن زين الدينسنوات كثيرة مضت منذ أن جمعهما اللقاء الأول. هو لم يعد يذكر كيف وقع في شباكها. كذلك لم يعد يذكر تفاصيل معينة عن هذا اللقاء.
هل كان اللقاء صدفة، أم كان حدثاً مقصوداً؟ كل ما يعرفه أنه كان حينها صغيراً. فأحبها.
مرّت السنوات، ولم يطرأ أي جديد على علاقتهما، حتى في بعض تفاصيلها الصغيرة منها والساذجة. هو لا يزال هو. لا يزال يحمل ذاك الحب الطفولي. وهي، لا تزال جذابة، لا بل ازدادت سحراً. لم يستطع حتى الآن أن يجد توصيفاً علمياً دقيقاً، أو تفسيراً أو حلاً لما يحدث له في كل مرة تقع عليها عيناه.
في البدء كان يرتجف قلبه قلقاً، وعندما يفترقان كان يشعر بذلك الفراغ الكبير والشوق الدائم إليها. في حينها كان يبدو هذا الأمر طبيعياً، وكان يعلم أن لحظات ارتباكه هذه ستختفي مع الوقت حكماً.
لكن رغم مرور السنوات، لم يختفِ الارتباك، لا بل ازداد. ليس خجله هو السبب قطعاً، ربما سحرها؟ هو لا يزال يبحث عن الجواب حتى الآن.
لا يزال يحن إلى تلك اللحظات. اللحظات التي كان خلالها يعدو خلفها في الفلوات الخضراء غير آبهٍ بزخات المطر المتساقطة. إذ يكون «مرصده الجوي» في تلك الأثناء، بفعل تأثيرها الكبير عليه، معطلاً، وبالتالي لا يستطيع أن يميز بين حالات المطر أو الجفاف.
أصبحت هي صلة وصله مع ماضيه وذكرياته، مع حاضره ومع أحلامه. يعيش معها أجمل اللحظات وأسعدها، وأصعب اللحظات وأقساها. لأجلها يستطيع أن يقطع البلاد والمسافات، أن يسافر بعيداً بحثاً عنها. ولأجلها أيضاً، يستطيع أن يتشاجر مع أحدهم، أن يخاصم الأصدقاء، وأن يذرف الدموع في لحظات. لا يهم.
في بعض الأحيان يملّ الواقع ورتابته، فتأخذه مخيّلته إلى أحلام. من خلال هذه الأحلام تتراءى له هي أيقونةً. أيقونة فقدها في أزقة ريو دي جانيرو البرازيلية، وبحث عنها في ساحات بيونيس أيريس في الأرجنتين، وقطع لأجلها المحيط إلى برد أوروبا القارس وأجوائها الرائعة، ليجدها ملكةً متوّجةً في شرق آسيا وتقاليدها الغريبة.
هو، يعشق كرة القدم.