من المفترض أن تكون بوليصة التأمين ضماناً لمشتريها عند وقوع حوادث طارئة، وخاصة حوادث السير. لكن عندما تصبح هذه البوليصة وسيلة للاحتيال على المواطنين، فإلى من يلجأ هؤلاء؟
البقاع ــ نقولا أبو رجيلي
يشتكي مواطنون بقاعيون كثيرون من وقوعهم ضحايا التلاعب ببيانات بطاقات التأمين الإلزامية، وبطاقات التأمين التي يحصل عليها أصحاب السيارات المتوجهة إلى سوريا وغيرها من البلاد العربية.
البداية مع بوليصة التأمين العربية، التي ينحصر توزيعها بــ«جمعية شركات الضمان في لبنان». اعتمدت الجمعية نماذج موحدة تحمل اللون البرتقالي، تّدوّن في أسفلها التواريخ المحددة لفترة عمل البطاقة، كما طبعت عليها عناوين الشركات العربية التي يجب مراجعتها عند حصول أي حادث داخل أي بلد عربي. وتراوح قيمة هذه الرسوم بين 80 دولاراً و150 دولاراً بدل سنة كاملة، ومن 60 دولاراً إلى 110 دولارات عن 6 أشهر. وترتفع هذه المبالغ بنسبة 20 في المئة لعابري الأراضي الأردنية، وبنسبة 15 في المئة لباقي الدول العربية.
أحد عابري الحدود (طلب عدم ذكر اسمه) قال لـ«الأخبار» إنه اشترى بوليصة تأمين لتغطية الحوادث على الأراضي السورية، لمدة سنة كاملة، لقاء 85 دولاراً أميركياً. وبعد مرور نحو 7 أشهر، وقع حادث اصطدام بين سيارته وسيارة سورية في دمشق، نتجت منه أضرار مادية جسيمة. ولدى مراجعته الشركة المعتمدة في العاصمة السورية، أفيد أن مدة صلاحية بطاقته قد انتهت قبل نحو شهر من تاريخ حصول الحادث، مما اضطره إلى دفع نفقات إصلاح السيارة السورية. وبعد عودته إلى لبنان، راجع صاحب المكتب الذي اشترى منه البوليصة، فحاول الأخير إقناعه بأن خطأً ما قد وقع، معيداً إليه جزءاً من المبلغ الذي دفعه.
يشرح أحد المتابعين للقضية أن «عملية التلاعب بسيطة، وتجري على النحو الآتي: يدوّن موظف شركة التأمين أو الوسيط مدة صلاحية البطاقة عليها قبل تسليمها إلى الزبون، إلا أنه يستبدل البيانات المرسلة إلى الشركات العربية على أساس أن المدة المشمولة بالتأمين هي أقل مما دفع الزبون لقاءه. ويضيف إن الهدف من ذلك هو أن يأخذ الوسيط فارق المبلغين».
أما بوليصة التأمين الإلزامية في لبنان (اعتمدت لتغطية نفقات الأضرار البشرية الناجمة عن حوادث السير بمبالغ تصل إلى 750 مليون ليرة)، فبعض موظفي الشركات يسلمون نماذج منها إلى مالكي السيارات لإنجاز معاملات الميكانيك، ويحمل عدد كبير منها رقماً تسلسلياًَ واحداً، ولا يتجاوز سعر هذا النموذج أكثر من 25 ألف ليرة، (أقل من نصف السعر المعتمد في معظم الشركات) وهو فقط لدفع رسوم الميكانيك. أما تغطية نفقات حوادث السير بواسطة هذه البوالص، فقال صاحب شركة تأمين في البقاع لـ«الأخبار» إنها «تجري على نفقة الوسطاء، وفي كثير من الأحيان يكون بعلم الشركة، التي تقوم بـ«لملمة» الموضوع، لكن على حساب المواطن، حيث تحاول الشركة، وبشتى الطرق خفض المستحقات المستحقّة عليها».
بدوره أكد رئيس جمعية شركات التأمين إبراهام ماتوسيان لـ«الأخبار» حصول المخالفات المذكورة، مشيراً إلى أن الجمعية تلقت عدة شكاوى من مواطنين وقعوا ضحية التلاعب ببيانات البطاقة البرتقالية. وأكّد ماتوسيان أن أسماء المتلاعبين أصبحت في عهدة القضاء. وبالنسبة إلى بوليصة التأمين الإلزامية، فقد لفت ماتوسيان إلى أن الجمعية بصدد إعداد مقترحات سترفعها إلى وزارة الداخلية، لإيجاد الآلية المناسبة للحد من «تمادي المستهترين بحقوق المواطنين».