البقاع ــ عفيف دياببيروت ــ جوان فرشخ بجالي
على معبر المصنع الحدودي، وفي مكتب شعبة جمارك شتورة، فُردت القطع الأثرية العراقية واحدة تلو الأخرى على الطاولة بزهو. فهذه علامة «انتصار» يحققه المكتب في مجال مكافحة التهريب.
سبع وخمسون قطعة أثرية تعود إلى الحضارات السومرية والبابلية، مدوّن عليها بالكتابات المسمارية، ومجموعة أوانٍ فخارية وتمثال. هذه هي مجموعة القطع التي صودرت منذ أربعة أيام، عند معبر المصنع الحدودي، خلال محاولة أحد المهربين من التابعية السورية إدخالها الى لبنان في حقيبة موضّبة بعناية داخل سيارة سياحية.
وقد علمت «الأخبار» من مصدر رسمي خاص أن المهرب السوري المقيم في لبنان كان يعمل لحساب تاجر آثار من التابعية العراقية قد أدخل هذه القطع الأثرية إلى سوريا ومنها إلى لبنان، بينما لم يتضّح شيء بعد عن نية تهريبها من لبنان إلى الخارج بعد ذلك، فالتحقيقات مع المهرّب الموقوف لا تزال مستمرة، بعدما أوقف بناءً على ورود معلومات عن عملية التهريب حصلت عليها شعبة جمارك شتورة مسبقاً.
وكانت «الأخبار» قد علمت منذ الصباح بتوافد خبراء آثار لبنانيين (من المديرية العامة للآثار) إلى مكتب الشعبة في شتورة لمعاينة القطع. إلا أن الخبراء المذكورين لم يبدوا أي رأي فيها، لا لجهة إذا ما كانت أصلية أو مزوّرة، ولا لجهة الحقبة الزمنية التي تنتمي إليها وأهميتها العلمية. فما كان من جريدة «الأخبار» إلا أن اتّصلت بخبراء في حضارات بلاد ما بين النهرين، يحاضرون في جامعات شيكاغو ونيويورك في الولايات المتحدة، للتأكد من أهمية هذه القطع، من خلال إرسال صور عنها إليهم.
أكّد أحد هؤلاء الخبراء، الذي آثر عدم التصريح باسمه، أن «الرّقم الطينية تبدو أصلية، ويعود البعض منها (بحسب النصوص المكتوبة عليها) إلى فترة السومري الجديد (2025 ـــــ 2125 قبل الميلاد)، بينما يعود القسم الآخر إلى الفترة البابلية (1594 ـــــ 2025 قبل الميلاد)».
أما الأواني الفخارية، فقد أكد الخبير أنها «أصلية بدورها، وتعود للفترة السومرية»، بينما أثار التمثال بعض الجدل، إذ إن «شكله غريب بعض الشيء، فهو منحوت بأسلوبين فنيّين هما الفن البابلي القديم والسومري، ما يمنع الجزم بأصالته»، بحسب الخبير المذكور.
وبحسب الإجراءات التقليدية المتّبعة، ستسلم شعبة الجمارك القطع إلى المديرية العامة للآثار في بيروت التي ستحفظها في مخازنها بانتظار إعادتها إلى دولتها الأم، العراق. وهنا، تجدر الإشارة إلى أن عملية المصادرة هذه ليست الأولى من نوعها في الجمارك اللبنانية منذ بداية الاحتلال الأميريكي للعراق. فقد سبق أن نُفِّذَت عمليات أخرى مشابهة على الحدود الشمالية. كذلك كانت شرطة بيروت قد صادرت خلال العام الماضي رأس الملك سنوطرك من مدينة الحضر، الذي كان قد سرق من متحف بغداد. أما هذه القطع، فلا تحمل أي رقم متحفي، ما يعني أنها سرقت من المواقع الأثرية الواقعة في جنوب العراق التي تتعرض للنّهب المستمر منذ أكثر من خمس سنوات.