إيلي شلهوببغض النظر عن هدف الاعتداء الأميركي على سوريا وسياقاته وملابساته التي تحتمل تأويلات متعددة تصل إلى حدّ التناقض، ومع الاعتذار المسبق من ضحاياه، يبدو الإطار النظري الذي تسعى واشنطن إلى تبرير فعلتها من خلاله أكثر أهمية من الحدث نفسه لجهة تداعياته على المنطقة والعالم. لطالما أتحفنا صنّاع الأفكار في أميركا بنظريات خنفشارية، أبرزها مفهوم «الهجوم الوقائي» الذي رُفع شعاراً لغزو العراق، و«مسؤولية الحماية» الذي استخدم ذريعة للتدخّل في الشؤون الداخلية لعدد من الدول. لكن التوليفة «القانونية» التي استنبطوها لتبرير انتهاك السيادة السورية بـ«الدفاع عن النفس»، قد تكون أكثرها مدعاة للسخرية. المضحك ـــــ المبكي في هذه البدعة الجديدة أنها تقيم الحجة استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة المادة 51 منه، التي تكفل للدول الأعضاء في المنظمة الدولية حق الدفاع عن نفسها بصورة فردية أو جماعية. مادة استنتج هؤلاء «المبدعون» أنها تعطي كل دولة تواجه تهديداً ما، يتخذ من أراض أخرى مقراً له، الحق في القيام بعملية عسكرية «دفاعية» لإزالته إذا كانت الدولة المضيفة لمصدر التهديد عاجزة أو غير راغبة في القيام بهذه المهمة، من دون أن يُعتبر ذلك انتهاكاً لسيادتها المفترض أنها محمية بالقانون الدولي.
بل أكثر من ذلك. يعيد أصحاب هذه النظرية أصولها التطبيقية إلى سبعينيات القرن الماضي، وتحديداً إلى عملية إنقاذ الرهائن التي نفذتها القوات الإسرائيلية في مطار عنتيبي الأوغندي عام 1976، ويدعّمونها بالعمليات العسكرية التي درجت القوات الكولومبية على تنفيذها في أراضي دول الجوار ضد منظمة «الفارك»، وكذلك ملاحقة عسكر تركيا لمقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.
وتدّعي إدارة بوش، بحسب «نيويورك تايمز»، أن البناء القانوني لهذه النظرية تم التوصل إليه منذ أشهر فقط، وأنها ما كانت لتغير على سوريا وقبلها على منطقة القبائل الباكستانية لولا هذا الكشف المبين.
ونِعمَ الحرص على الشرعية الدولية التي يبدو أن بوش لا يغمض له جفن قبل الاطمئنان على حالها. وهنيئاً لإسرائيل التي باتت مرجعاً تُبنى على ممارساتها قواعد وقوانين.