يصف ضباط كبار في قوى الأمن الداخلي مجلس قيادة المؤسسة بأنه «مجلس ملّي»، إذ يتوزّع أعضاؤه على المذاهب، مما يجعل قراراته عرضة للانقسام الطائفي. وعلى سبيل المثال، لم يصدر المجلس نتائج مباراة ترقية رغم مرور 19 شهراً على إجرائها
حسن عليق
لم تكن إدارة المدرسة الحربية بحاجة إلى أكثر من 6 أيام لتعلن نتائج مباراة الدخول الأخيرة إليها (قبل أسبوعين). أما مباراة ترقية رتباء الأمن الداخلي إلى رتبة ملازم فلم تصدر نتائجها رغم مرور أكثر من سنة و7 أشهر على انتهاء الامتحانات. ففي آذار 2007، أنهى 1364 رتيباً خضوعهم لمباراة تسمح لنحو 146 منهم (20% من مجموع الضباط البالغ حالياً 733) بنيل ترقية إلى رتبة ملازم. ورغم علم المتبارين بالنتائج، إلا أنها لم تصدر رسمياً بعد، لأسباب أعاد عدد من أعضاء مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي معظمها إلى «اختلال التوازن الطائفي بين الفائزين». إذ يتوزع هؤلاء بنسبة ثلثين من المسلمين وثلث من المسيحيين (الرتباء الذين نالوا معدّلاً يفوق 10/20 هم 352 مسلماً و121 مسيحياً)، علماً بأن النسب ذاتها تقريباً تنطبق على مجموع المتبارين. وحتى اليوم، لا يزال عدد من أعضاء مجلس القيادة يعارضون إعلان النتائج كما هي، «لعدم قدرتهم على تحمّل النتيجة أمام مراجعهم الطائفية»، على حد تعبير أحد زملائهم.
وعلى مدى الأشهر التسعة عشر الماضية، بقي مجلس قيادة المؤسسة يطرح بخجل قضية الرتباء الفائزين في المباراة. وتنازع أعضاءه رأيان: الأول أن تؤخَذ النتائج كما هي، إلا أنّ ذلك لقي معارضة شديدة من بعض أعضاء المجلس المسيحيين، علماً بأن اتخاذ قرار يحتاج إلى 8 أصوات من أصل 11. فسقط هذا الرأي. أما الرأي الثاني، فكان أن تُعلَن نتائج قبول 60 ملازماً، أوّل 30 مسلماً وأوّّل 30 مسيحياً، إلا أن ذلك قد يعرّض النتائج للطعن أمام مجلس شورى الدولة الذي يتوقع أعضاء المجلس أن يحكم لمصلحة المعترضين، وخاصة مع عدم وجود نص قانوني يفرض «التوازن الطائفي» بين الضباط. ومع سقوط الرأيين، «وعدم استعداد بعض أعضاء المجلس لتحمّل مسؤولياتهم التي يلقيها عليهم القانون، لاعتبارات طائفية» على حد تعبير أحد كبار الضباط في المديرية، تألّفت الحكومة الحالية. عندها، قرر مجلس القيادة نفض يده من الأمر، ورفع كتاباً إلى وزير الداخلية طالباً فيه «توجيه الإدارة لاتخاذ القرار المناسب لجهة اختيار المقبولين، إما استناداً إلى نتيجة المباراة وفق القانون، وإما استناداً إلى قاعدة التوازن الطائفي، أو تقرير ما ترونه مناسباً». وأشار الكتاب، الذي أرسِل إلى الوزير قبل نحو أسبوعين، إلى أن التقيّد بالقانون «سيؤدي إلى خلل في التوازن الطائفي في عديد ضباط المديرية، يُضاف إلى الخلل القائم حالياً» (385 ضابطاً مسلماً مقابل 348 مسيحياً).
من ناحية أخرى، تقدّم عدد من الرتباء الناجحين في المباراة بشكوى أمام مجلس شورى الدولة، طالبين إلزام المديرية بإعلان النتائج. وحتى اليوم، لم يصدر أيّ قرار عن مجلس الشورى، ولم تُجِب وزارة الداخلية على كتاب المديرية. ويرى عدد من الضباط ومن المتبارين أن خلاصة الأمر هي على النحو الآتي: مجلس القيادة قرر، لاعتبارات طائفية لدى بعض أعضائه، إعلان عجزه عن اتخاذ القرار، فرمى بالمسؤولية في أحضان مجلس شورى الدولة من جهة، والسلطة السياسية من جهة أخرى. فهل ستلتزم الأخيرة بالقانون لتُلزِم مجلس القيادة بتنفيذ ما يمليه عليه القانون؟ أم أنها ستتصرف بالطريقة التي عوّدت اللبنانيين عليها تقليدياً؟