أيوب أبو زورحكومة الآمال تحقق الإنجاز. حصلت المعجزة، ولد طفل الأنبوب. نعم إنها الحكومة! لقد ألّفت. أنجبت المحادثات بعد طول مخاض حكومة عليلة قابعة في الحاضنة تخضع لمراقبة فريق من الاختصاصيين، يحاولون الإبقاء على حياتها بشتى الطرق، لكن كيف وهي عاجزة عن التنفس وحدها؟ صحيح أن هذه الحكومة حية، إلا أنها لا تزال للأسف بدون روح. صحيح أن نموّها اكتمل، لكنّها لا تزال عاجزة عن التنفس. وأمام هذه المعضلة، كيف يمكن لها الاستمرار؟ ويفرض السؤال نفسه «كيف وصلنا إلى هنا؟». الجواب سهل، والحقيقة واضحة، لقد اتفقوا كعادتهم على تقاسم «الجبنة»، فتقاسموا الحقائب الوزارية فيما بينهم، ونحن حصلنا على حكومة مركبة من أضداد، حكومة أردناها حكومة وحدة وطنية، تتآلف فيها التيارات السياسية المتنافسة في سيبل توفير المصلحة العامة، لكن النتيجة جاءت خلطة غير متجانسة، مؤلّفة من فئات متصارعة ومتنافرة، لا يجمع بينها سوى المصالح الفردية، فإذا بها تتحول من أمل لإنقاذ البلاد من الوضع الخطير الذي تشهده إلى كابوس نتمنّى أن نستفيق منه، كابوس متمثل بحكومة هدفها الإبقاء على المشاكل واستغلالها في سبيل توفير أكبر عدد من الأصوات في صناديق الاقتراع. فكل طرف يراهن على الفوز في الانتخابات النيابية المقبلة التي أصبحت قاب قوسين منّا، لكي ينفّذ رؤيته، والكل نسي الشعب ومصالح الشعب. فليس من شأنهم غلاء أسعار السلع الحياتية أو المحروقات، فما همّهم من زيادة دولار أو اثنين أو حتى عشرة على أي سلعة، فهم لا يدفعون شيئاً من أموالهم، فخزينة الدولة بتصرفهم، يأخذون منها ما يشاؤون وساعة يشاؤون.
أقولها وقلبي ينزف حزناً على هذا البلد وهذا الشعب الذي أراد بكل جوارحه أن يعيش في وطن يكون فيه المسؤول مثالاً للكفاءة والمسؤولية، ويكون صوته الناطق عن أفكاره ومعتقداته والمدافع عنها، إلا أن الواقع مرير والحقيقة مؤلمة.
اعلموا أن مسؤولينا ليسو سوى مجموعة من الساعين إلى السلطة واللاهثين خلف المراكز والمتشبّثين بالكراسي. فليس من اهتماماتهم ما يحدث لشعبهم، ولا يأبهون إذا ما ضاقت سبل العيش بوجه أبناء وطنهم، فكلّ ما يعيشون من أجله هو الحفاظ على كراسيهم، ونتيجة لذلك شهدنا تعثّر الاتفاق على صيغة مشتركة للبيان الوزاري، ليكون الروح التي يفترض أن تحيا بها الحكومة العتيدة، فكيف ذلك وهناك مشروعان متصارعان؟ فوجود الأول يحتّم عدم وجود الآخر، وتبنّي الثاني يفرض التخلّي عن الأول. وأمام هذا المأزق، لا وجود لحل وسط، فلا سبيل سوى السير بأحدهما، لأن الإبقاء على هذا الوضع يبشّر بنتائج كارثية على الجميع، والطوفان سوف يغرق الجميع، ولن يكون هناك من مكان تلجأون إليه قادر على أن يحميكم. فالشعب الجائع الذي يفتك به اليأس ويعتريه الألم وتجتاحه الأحزان يصبح كالبركان الهائج، إذا ما انفجر تكون النهاية.
يا أيها الذين تجلسون على كراسيكم وفي قصوركم، اتقو الله، وأحبّوا بعضكم بعضاً كما علّمكم المسيح، وانصروا بعضكم بعضاً، كما أمركم النبي، فجميعنا في مركب واحد وسط العاصفة، فإما أن ننجو معاً وإما أن نغرق معاً، فاجعلوا من هذه الحكومة قارب نجاة لكي توصلنا إلى برّ الأمان.