هذا العام، لم يزيّن سكان بعلبك شوارعها استقبالاً لرمضان. ففي مدينة تغرق في عتمة التقنين، تبدو محاولة إضاءة الشوارع ضرباً من ضروب العبث
علي يزبك
غابت مظاهر الابتهاج المعهودة سنوياً في استقبال شهر رمضان عن شوارع بعلبك: فالزينة لم تعلّق، والشرائط الملوّنة لم تمدّ، أما اللافتات المرحّبة بالضيف الكريم، فلم يبق منها سوى ما يتعلق بتسويق مطعم ما لإفطاراته الشهية مما لذّ وطاب.
أما الأسباب، فقد تكون مبرّرة ومقنعة وتعود إلى انشغال المواطنين بالهمّ الحياتي الضاغط، وخصوصاً مع حلول شهر أيلول، الذي يتندّر البقاعيون بتسميته شهر الميم، لما يستتبعه من مصاريف تبدأ جميعها بحرف «الميم»: مازوت، مدارس ومونة.
فأيلول شهر يجمع المجد من أطرافه، وخصوصاً هذا العام، بعدما أضيفت مصاريف شهر رمضان إلى قائمة «الميمات» المذكورة أعلاه!
بهذه الكلمات أجابتنا المواطنة سلام مهدي، وهي أمّ لخمسة أطفال حين سألناها عن تحضيرات شهر رمضان، وأضافت: «هناك معانٍ سامية للصوم، لكننا اليوم نعيش تحت ثقل الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، وبتنا عاجزين حتى عن التفكير بمشاكلنا ،فكيف بإيجاد حلول لها؟!» .
يرزح المواطن البقاعي تحت أعباء كثيرة عبّر عنها باعتصامات واحتجاجات نفّذها ضد انقطاع المياه وتقنين الكهرباء القاسي وكساد مواسم الإنتاج والثلوث. آخر هذه التحركات كان تنفيذ أهالي بعلبك اعتصاماً عند المدخل الجنوبي للمدينة احتجاجاً على مكبّ الكيال، حيث طالب القاطنون بقربه بإطفاء ناره المشتعلة دائماً، وبالتالي حجب دخانه على الأقل في شهر رمضان.
ومع أن مشكلة مكب الكيال في طريقها إلى الحل مع انطلاقة مشروع المطمر الصحي في الطيبة، إلا أن انتهاء المشروع يحتاج إلى بضعة أشهر.
كل ذلك بالإضافة إلى المشكلة «الكلاسيكية» لأسعار الخضر واللحمة التي سيواجهها الصائمون، فقد ارتفعت هذه الأسعار كثيراً هذا العام حيث قفز سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الخروف إلى ثمانية عشر ألف ليرة لبنانية بعدما كان قبل أيام معدودة مستقراً على مبلغ أربعة عشر ألف ليرة لبنانية، وهذا كله بفعل غياب الرقابة.
أما مزارعو البطاطا، فهم «يندبون» حظّهم العاثر حيث انخفض سعر الكيلوغرام إلى ما دون المئة والخمسين ليرة لبنانية. يعلّق نقيب مزارعي البطاطا في بعلبك ـــ الهرمل طلال خير الدين على ذلك بتأكيده أن: «الطبق الرئيسي لدى الصائمين في المنطقة سيكون البطاطا هذا العام، فهو الأرخص ويمكن التنويع في طبخه».
ورغم كل المشاكل، تبقى المتعة الرمضانية الأكبر خارج إطار إمكان التضحية بها: المسلسلات التي ينتظرها الصائمون من عام إلى آخر لا مساومة عليها. في ذلك المجال، سجّلت مدينة بعلبك ارتفاعاً هائلاً في مبيعات المحوّلات الكهربائية ups الصغيرة التي يمكنها تحويل كهرباء البطارية 12 فولت، وذلك من أجل استخدامها بديلاً من التيار الكهربائي المقنن بقسوة بهدف متابعة المسلسلات التلفزيونية التي ستعرض خلال شهر رمضان المبارك..