فداء عيتانيكيف يمكن أن تضيق المسافة ما بين مفتي جبل لبنان محمد علي الجوزو ومفتي طرابلس مالك الشعار؟
في كلمته لمناسبة رمضان، كان الشعار يستعيد نفسه. عاد إلى الهدوء، رفع عنه الخوف على السنّة، واسترجع الخوف على لبنان. نسي أنّ السنّة طائفة من 18 تكاد تكون قبائل متناحرة في لبنان، واستعاد اللاوعي السنّي بأنّ هذه الفئة (السنّة في لبنان) هي جزء من محيط واسع من العرب.
ويأتي مقابله الجوزو الذي لم يبقِ من الجسور بينه وبين حزب اللّه جسراً واحداً غير محروق، على الأقل ليصدّق القارئ والسامع ما أعلنه أمس عن شكوك في أنّ حزب الله مخترَق وهناك من يحاول تشويه صورته، التي يُعدّ هو أحد أهم من عملوا على تشويهها لأعوام.
الشعار سبق أن ألقى خطبة لا يمكن وسمها بالعصماء، يوم زار السفير السعودي طرابلس، حين حذّر وقتها من محاولات ضرب السنّة في لبنان.
ليست المسافة هائلة فقط بين الرجلين، بل هي فلكية، ولم يسَع شيء تقليصها إلا زيارة السفير السعودي إلى طرابلس، إلا أنها عادت، كما يبدو إلى طبيعتها مع اقتراب شهر رمضان.
يبقى بين الرجلين جغرافياً وسياسياً مفتي الجمهورية، الذي يحار المرء كيف يقرأ كلامه. فهو حيناً لا ينطق إلا بلسان تيار المستقبل، ويدخل في متاهات وزواريب السياسة حتى ليصبح الإشكال الأمني مدعاة لتحدُّث رأس الطائفة السنّية ومثار قلقها العميق، ودخول شبان ــــ حُرّضوا من الطرفين لما يزيد على ثلاثة أعوام ــــ في عراك، خطراً يتهدّد الكيان السنّي في لبنان، وحيناً آخر يتحوّل المفتي إلى داعية سلام وتهدئة وحوار وتعايش.
مساكين أهل السنّة في هذه البلاد، فهم حين يتوسّمون خيراً في أشخاص كمالك الشعار، يعادون إلى السعار الطائفي، ويصبح من الواجب انتظار رمضان لاستعادة بعض الهدوء. إلا أن الهدوء هذه المرة قد ينتهي تحديداً من الشمال، وفي منتصف رمضان، ويبقى على المفتي الشعار أداء الدور الأكبر في تذكير أهله من السنّة بأنهم أبناء شهر رمضان وأولاد العمق العربي الواسع، ما دام الرجاء يكاد ينعدم من علماء الدين الآخرين.